للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجوزُ؛ لأنَّه ثَبتَ فى الذِّمَّةِ بالعَقْدِ على هذه الصِّفَةِ، فأشْبَهَ الدَّينَ، ويُخالِفُ المشْهودَ له، فإنَّه لا حاجةَ إلى ذلك فيه، فإنَّ الشَّهادةَ له لا تَثْبُتُ إلَّا بعد دَعْواه، ولأنَّ المشْهودَ عليه يَثْبُتُ بالصِّفَةِ والتَّحْلِيَةِ، فكذلك المشْهودُ به. فعلى هذا الوجهِ، يُنْفِذُ العَيْنَ مَخْتومةً، وإنْ كان عبدٌ أو أمَةٌ خَتَمَ فى عُنُقِه، وبعثَه إلى القاضى الكاتبِ، ليَشْهدَ الشَّاهدان على عَيْنِه، فإن شَهِدَا عليه، دُفِعَ إلى المشْهودِ له به، وإن لم يَشْهدَا على عَيْنِه، أو قال: المشْهودُ به غيرُ هذا. وجبَ على آخِذِه رَدُّه إلى صاحبِه، ويكونُ حُكْمُه حُكمَ المَغْصوبِ فى ضَمانِه، وضَمانِ نَقْصِه ومَنْفَعتِه، فيَلْزَمُه أجْرُه إن كان له أجْرٌ مِن يوم أخَذَه (٢٠)، إلى أن يصِلَ إلى صاحبِه؛ لأنَّه أخذَه مِن صاحبِه قهرًا بغيرِ حقٍّ.

فصل: ومتى (٢١) اسْتَوفَى الحقَّ مِن المَحكومِ عليه، فقال (٢٢) للحاكمِ عليه: اكْتُبْ لِى (٢٣) مَحْضَرًا بما جرَى؛ لئلَّا يَلْقانىَ خَصْمِى فى موضعٍ آخَرَ، فيُطالِبَنِى به مَرَّةً أُخْرَى. ففيه وَجْهان؛ أحدهما، تَلْزَمُه إجابتُه؛ ليَخْلُصَ مِن المحْذُورِ الذى يَخافُه. والثانى، لا تَلْزَمُه؛ لأنَّ الحاكمَ إنَّما يَكْتبُ بما ثبَتَ عندَه، أو حَكَمَ به، فأمَّا اسْتِئْنافُ ابتداءٍ، فيَكْفِيه فيه الإِشْهادُ، فيُطالِبُه أن يشْهَدَ على نفسِه بِقَبْضِ الحقِّ؛ لأنَّ الحقَّ ثبَتَ عليه بالشَّهادةِ. والأوَّلُ أصحُّ؛ لأنَّه قد حكَمَ عليه بهذا الحقِّ، ويَخافُ الضَّررَ بدُون المَحْضَرِ، فأشْبَهَ مَا حكَمَ به ابْتداءً. وإن طالبَ المحكومُ له بدَفْعِ الكتابِ الذى ثبَتَ به الحقُّ، لم يَلْزَمْه دَفْعُه إليه؛ لأنَّه مِلْكُه، فلا يَجِبُ عليه دَفْعُه إلى غيرِه. وكذلك كلُّ مَن له كتابٌ بدَيْنٍ، فاسْتَوْفاه، أو عَقارٌ فباعَه، لا يَلْزَمُه دَفْعُ الكتابِ؛ لأنَّه مِلْكُه؛ ولأنَّه يجوزُ أن يَخْرُجَ ما قبضَه مُسْتحَقًّا، فيعودَ إلى مالِه.

فصل: ويُقْبَلُ الكتابُ مِن قاضى مِصرٍ إلى قاضى مِصرٍ، وإلى قاضى قريةٍ، ومِن قاضى قريةٍ إلى قاضى قريةٍ، وقاضى مِصرٍ. ومن القاضى إلى خَليفتِه، ومِن خَليفتِه إليه؛ لأنَّه


(٢٠) فى ب: "يأخذه".
(٢١) فى الأصل، م: "ومن".
(٢٢) أى: المحكوم عليه.
(٢٣) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>