للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول: أَنَّ الكِتابِىَّ إذا (١) انْتَقَلَ إلى غيرِ دِينِ أهلِ الكِتابِ، لم يُقَرَّ عليه. لا نَعْلَمُ فى هذا خِلافًا، فإنَّه إذا انتقلَ إلى دِينٍ لا يُقَرُّ أهْلُه بالجِزْيةِ، كعِبَادةِ الأَوْثانِ وغيرِها، ممَّا يَسْتَحْسِنُه، فالأَصْلِىُّ منهم لا يُقَرُّ على دِينِه، فالمُنْتَقِلُ إليه أوْلَى. وإن انْتَقلَ إلى الْمَجُوسِيَّةِ، لم يُقَرّ أيضًا؛ لأنَّه انْتَقلَ إلى أنْقَصَ من دِينهِ، فلم يُقَرَّ عليه، كالمُسْلمِ إذا ارْتَدَّ. فأمَّا إن انتقلَ إلى دينٍ آخرَ من دِينِ (٢) أهلِ الكِتاب، كاليَهُودِىِّ يَتَنَصَّرُ، أو النَّصْرانِىِّ يتَهَوَّدُ، ففيه رِوَايتان؛ إحداهما، لا يُقَرُّ أيضًا؛ لَأنَّه انتقلَ إلى دينٍ باطلٍ، قد أقَرَّ ببُطْلانِه، فلم يُقَرَّ عليه، كالمُرْتَدِّ. والثانية، يُقَرُّ عليه. نَصَّ عليه أحمدُ. وهو ظاهرُ كلامِ الْخِرَقِىِّ، واختيارُ الخَلَّالِ وصاحِبِه، وقولُ أبى حنيفةَ؛ لأنَّه لم يَخْرُجْ عن دِينِ أهلِ الكِتابِ، فأشْبهَ غيرَ (٢) المُنْتَقِلِ. وللشافعىِّ قَوْلان، كالرِّوايتَيْنِ. فأما الْمَجُوسِىُّ إذا انْتَقلَ إلى دينٍ لا يُقَرُّ أهْلُه عليه، لم يُقَرَّ، كأهْلِ ذلك الدِّينِ. وإن انْتَقَلَ إلى دينِ أهلِ الكتابِ، خُرِّجَ فيه الرِّوايتان، وسواءٌ فيما ذكرْنا الرَّجُلُ والمرأةُ؛ لعُمُومِ قَوْلِه عليه السلام: "مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ" (٣). ولعمومِ المعنى الذى ذكرْناه فيهما جميعًا.

الفصل الثانى: أَنَّ المُنْتَقِلَ إلى غيرِ دينِ أهلِ الكتاب، لا يُقْبَلُ (٤) منه إلَّا الإِسلامُ. نَصَّ عليه أحمدُ. واختاره الخَلَّالُ وصاحِبُه. وهو أحدُ أقَوالِ الشافعىِّ؛ لأنَّ غيرَ الإِسلامِ أدْيانٌ باطلةٌ. قد أَقَرَّ ببُطْلانِها، فلم يُقَرَّ عليها كالمُرْتَدِّ. وعن أحمدَ أنَّه لا يُقْبَلُ منه (٢) إلَّا


(١) فى الأصل، أ، ب: "إن".
(٢) سقط من: م.
(٣) أخرجه البخارى، فى: باب لا يعذب بعذاب اللَّه، من كتاب الجهاد، وفى: باب قول اللَّه تعالى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ}. . .، من كتاب الاعتصام. صحيح البخارى ٤/ ٧٥، ٩/ ١٣٨. وأبو داود، فى: باب الحكم فى من ارتد، من كتاب الحدود. سنن أبى داود ٢/ ٤٤٠. والترمذى، فى: باب ما جاء فى المرتد، من أبواب الحدود، عارضة الأحوذى ٦/ ٢٤٣. والنسائى، فى: باب الحكم فى المرتد، من كتاب التحريم. المجتبى ٧/ ٩٦. وابن ماجه، فى: باب المرتد عن دينه، من كتاب الحدود. سنن ابن ماجه ٢/ ٨٤٨. والإِمام أحمد، فى: المسند ١/ ٢٨٢، ٣٢٣، ٢٨٣، ٥/ ٢٣١.
(٤) فى الأصل: "يتقبل".

<<  <  ج: ص:  >  >>