للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشافعىِّ، لا تُؤْخَذُ بها، في أحَدِ الوَجْهَيْنِ؛ لأنَّ الشَّلَلَ (١) عِلَّةٌ (٢)، والعِلَلُ يَخْتلِفُ تأثِيرُها في البَدْنِ، فلا تَتَحَقَّقُ المُماثَلةُ بينهما. ولَنا، أنَّهما مُتَماثِلانِ في ذاتِ العُضْوِ وصِفَتِه، فجاز أخْذُ إحْداهما بالأُخْرَى، كالصَّحِيحةِ بالصَّحِيحةِ.

فصل: وتُؤْخَذُ النَّاقِصةُ بالنَّاقِصةِ، إذا تساوَتَا فيه، بأن يكونَ المَقْطوعُ من يَدِ الجانِى كالمَقْطوعِ من يَدِ المَجْنِىِّ عليه؛ لأنَّهما تساوَتَا في الذَّاتِ والصِّفَةِ. فأمَّا إن اختَلَفا، فكان المقطوعُ من يَدِ أحدِهما الإِبْهامَ، ومن الأُخْرَى إصْبَعَ غيرِها، لم يَجُزِ القِصاصُ؛ لأنَّ فيه أخْذَ إصْبَعٍ بغيرِها. وإن كانت يَدُ أحَدِهما ناقصةً إصْبعًا، والأُخْرَى ناقصةً تلك الإِصْبَعَ وأُخْرَى (٣)، جاز أخْذُ النَّاقِصةِ إصْبَعَيْنِ بالنَّاقصةِ إصْبَعًا. وهل له أرْشُ إصْبَعِه الزَّائدةِ؟ فيه وَجْهان. ولا يجوزُ أخْذُ الأُخْرَى بها؛ لأنَّ الكاملةَ لا تُؤْخَذُ بالنَّاقصةِ.

فصل: ويجوزُ أخْذُ النَّاقصةِ بالكاملةِ؛ لأنَّها دون حَقِّه. وهل له أخْذُ دِيَةٍ لأصابعِ النَّاقصةِ؟ على وَجْهَين؛ أحدهما، له ذلك. وهو قولُ الشافعىِّ، واختيارُ ابنِ حامدٍ. والثانى، ليس له مع القِصاصِ أرْشٌ. وهو مذهبُ أبى حنيفةَ، وقِياسُ قولِ أبى بكرٍ؛ لِئَلَّا يُفْضِىَ إلى الجَمْعِ بين قِصاصٍ (٤) ودِيَةٍ في عُضْوٍ واحدٍ. وقال القاضي: قِياسُ قولِه سُقُوطُ القِصاصِ، كقولِه في مَن قُطِعَتْ يَدهُ من نِصْفِ الذِّرَاعِ، وليس كذلك؛ لأنَّه يَقْتَصُّ من مَوْضِعِ الجِنايةِ، ويَضَعُ الحَدِيدَةِ في مَوْضع وضَعها الجانى، فمَلَكَ ذلك، كما لو جَنَى عليه فوقَ المُوضِحَةِ، أو كان رأَسُ الشَّاجِّ أصْغَرَ، أو أخَذَ الشَّلَّاءَ بالصَّحِيحةِ. ويُفارِقُ القاطِعَ من نِصْفِ الذراعِ؛ لأنَّه لا يُمْكِنُه القِصاصُ من مَوْضِعِ الجنايةِ. هكذا حكاه الشَّرِيفُ، عن أبي بكرٍ.


(١) في ب، م: "الشلاء".
(٢) في م: "عليلة".
(٣) في م: "فأخرى".
(٤) في م: "القصاص".

<<  <  ج: ص:  >  >>