للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حبيبة صَحِيحان. وقال التِّرمِذِيُّ: حَدِيثُ بُسْرَة حسنٌ صَحِيحٌ. وقال البُخَارِيُّ: أصَحُّ شيءٍ في هذا الباب حَدِيثُ بُسْرَةَ. وقال أبُو زُرْعَة: حَدِيثُ أُمِّ حَبِيبة أيضًا صَحِيحٌ، وقد رُوِىَ عن (٩) بِضْعَةَ عَشَرَ من الصَّحابةِ. فأمَّا خَبَر قَيْس، فقال أبو زُرْعة، وأبو حاتِم: قَيْس مِمَّن (١٠) لا تَقُومُ برِوَايَتِهِ حُجَّةٌ. ثم إن حَدِيثَنا مُتأخِّرٌ؛ لأنَّ أبَا هُرَيْرَة قد رَواهُ، وهو متأخِّرُ الإِسْلامِ، صَحِبَ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أرْبَعَ سِنِين، وكان قُدُومُ طلق علَى رسولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وهم (١١) يُؤَسِّسُون المَسْجِدَ أوَّل زَمَنِ الهِجْرَةِ، فيكونُ حَدِيثُنا ناسِخًا له. وقياسُ الذَكَرِ علَى سائرِ البَدَنِ لا يستقيمُ؛ لأنه تتَعلَّقُ به أحكامٌ يَنْفَرِد بها؛ مِن وُجُوبِ الغُسْلِ بإيلاجِه والحَدِّ والمَهْرِ، وغيرِ ذلك.

فصل: فعَلَى رِوَاية النَّقْضِ لا فَرْقَ بين العامِدِ وغيرِه. وبه قال الأوزاعِيُّ، والشَّافِعِيُّ، وإسحاق، وأبُو أيُّوب، وأبُو خَيْثَمة (١٢)؛ لعُمُومِ الخَبَرِ. وعن أحمد: لا يَنْتَقِضُ الوُضُوء إلا بمَسِّهِ قاصِدًا مَسَّه. قال أحْمَد بنُ الحُسَيْن: قِيلَ لأَحْمَد: الوُضُوءُ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ؟ فقال: هَكَذا - وقَبَضَ عَلَى يَدِه - يعنِى إذا قَبَضَ عليه. وهذا قولُ مَكْحُول، وطَاوُس، وسَعِيدِ بنِ جُبَيْر، وحُمَيْد الطَّوِيل (١٣)، قالوا: إن مَسَّه يُرِيدُ وُضُوءًا، وإلَّا فلَا شىءَ عليه؛ لأنَّه لَمْسٌ، فلا يَنْقُضُ الوُضُوءَ من غيرِ قَصْدٍ كلَمْسِ النِّساءِ.

فصل: ولا فَرْقَ بين بَطنِ الكَفِّ وظَهْرِه. وهذا قولُ عَطَاء، والأَوْزَاعِيّ، وقال مالِك، واللَّيْثُ، والشَّافِعِيُّ، وإسْحاق: لا يَنْقُضُ مَسُّه إلَّا بباطِنِ كَفِّه؛ لأنَّ ظاهرَ الكَفِّ ليس بآلةٍ لِلْمَسِّ، فأشْبَهَ ما لو مَسَّه بِفَخْذِه. واحْتَجَّ أحمدُ بحَدِيثِ النبيِّ


(٩) في م: "عنه".
(١٠) في م: "مما".
(١١) في الأصل: "وهو".
(١٢) أبو خيثمة زهير بن معاوية بن حُدَيج الجعفى الكوفي، كان حافظا متقنا، توفي سنة اثنتين وقيل ثلاث وسبعين ومائة. تهذيب التهذيب ٣/ ٣٥١ - ٣٥٣.
(١٣) أبو عبيدة حميد بن أبي حميد الطويل الخزاعي، مولاهم، بصري ثقة، ترفي سنة اثنتين وأربعين ومائة. تهذيب التهذيب ٣/ ٣٨ - ٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>