للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المُسْتَقْبَلِ، وفيه ضَرَرٌ على الزَّوْجِ. قُلْنا: لم يُقْبَلْ قَوْلُها في إيجابِ حَقٍّ لم يَدْخُلْ في العَقْدِ عليه، فأمَّا الحُكْمُ في المُسْتَقْبَلِ، فيُمْكِنُ إيفاءُ حَقِّه وحَقِّ مَن ثَبَتَ له الرِّقُّ عليها، بأنْ يُطَلِّقَها، فلا يَلْزَمُه ما لم يَدْخُلْ عليه، أو يُقِيمُ (٩١) على نِكَاحِها، فلا يَسْقُطُ حَقُّ سَيِّدِها. فإن طَلَّقَها اعْتَدَّتْ عِدَّةَ الحُرَّةِ؛ لأنَّ عِدَّةَ الطَّلَاقِ حَقٌّ لِلزَّوْجِ، بِدَلِيلِ أنَّها لا تَجِبُ إلَّا بالدُّخُولِ، وسَبَبُها النِّكَاحُ السابِق، فلا يُقْبَلُ قَوْلُها في تَنْقِيصِها. وإن ماتَ، اعْتَدَّتْ عِدَّةَ الأَمَةِ؛ لأنَّ المُغَلَّبَ فيها حَقُّ اللَّه تعالى، بِدَلِيلِ وُجُوبِها قبلَ الدُّخُولِ، فَقُبِلَ قَوْلُها فيها. ومَنْ قال بِقَبُولِ قَوْلِها في جَمِيعِ الأحْكامِ، فهذه أمَةٌ قد تَزَوَّجَتْ بغيرِ إذْنِ سَيِّدِها، فنِكَاحُها فاسِدٌ، ويُفَرّقُ بينهما. وإن كان قبلَ الدُّخُولِ، فلا مَهْرَ لها. وإن كان دَخَلَ بها، وَجَبَ لها مَهْرُ أمَةٍ نُكِحَتْ بغيرِ إذنِ سَيِّدِها، على ما ذُكِرَ في مَوضِعِه. وهل ذلك مَهْرُ المِثْلِ، أو المُسَمَّى؟ فيه رِوَايَتانِ. وتَعْتَدُّ بِحَيْضَتَيْنِ (٩٢)؛ لأنه وَطْءٌ في نِكَاحٍ فاسِدٍ، وأوْلَادُه أحْرارٌ؛ لِاعْتِقَادِه حُرِّيَّتَها، فإنَّه مَغْرُورٌ بِحُرِّيَّتِها، وعليه قِيمَتُهُم يوم الوَضْعِ. وإن ماتَ عنها، لم تَجِبْ عِدَّةُ الوَفَاةِ.

فصل: وإن كان قد تَصَرَّفَ بِبَيْعٍ أو شِرَاءٍ، فتَصَرُّفُه صَحِيحٌ، وما عليه من الحُقُوقِ والأثْمانِ يُؤَدَّى ممَّا في يَدَيْه، وما فَضَلَ عليه ففى ذِمَّتِه؛ لأنَّ مُعَامِلَه لا يَعْتَرِفُ بِرِقِّه. ومن قال بِقَبُولِ إقْرَارِه في جِمِيع الأحْكامِ، قال بِفَسَادِ عُقُودِه كلِّها، وأوْجَبَ رَدَّ الأعْيانِ إلى أرْبابِها إن كانت باقِيةً، وإن كانت تالِفَةً، وَجَبَتْ قِيمَتُها في رَقَبَتِه، إن قلْنا: إنَّ ما اسْتدَانَ العَبْدُ بغيرِ إذْنِ سَيِّدِه فهو في رَقَبَتِه. وإن قُلْنا بأنَّ اسْتِدانَةَ العَبْدِ في ذِمَّتِه، فهذا كذلك، ويَتْبَعُ به بعدَ العِتْقِ؛ لأنَّه ثَبَتَ رِضَى صاحِبِه.

فصل: وإن كان قد جَنَى جِنَايةً مُوجِبَةً للقِصَاصِ، فعليه له (٩٣) القَوَدُ، حُرًّا كان المَجْنِيُّ عليه أو عَبْدًا؛ لأنَّ إقْرَارَه بالرّقِّ يَقْتَضِى وُجُوبَ القَوَدِ عليه فيما إذا كان المَجْنِىُّ


(٩١) في م: "يقم".
(٩٢) في الأصل: "حيضتين".
(٩٣) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>