للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فعليه الحَدُّ. ووَجْهُ ذلك، أنَّه فَسَّرَ كلامَه بما لا يُوجِبُ الحَدَّ، فلم يجبْ عليه حَدٌّ، كما لو فسَّره به مُتَّصِلًا بكلامِه. ورُوِىَ عن أحمدَ، روَايةٌ ثالثةٌ، أنَّه إذا كان في غَضَبٍ، قال: إنَّه لأهْلٌ أنْ يُقامَ عليه الحَدُّ؛ لأنَّ قَرِينةَ الغَضَبِ تَدُلُّ على إرادةِ القَذْفِ. بخلافِ حالِ الرِّضا. والصَّحِيحُ في المذهبِ الرِّوايةُ الأُولى؛ لأنَّ هذه الكلمةَ لا يُفْهَمُ منها إلَّا القَذْفُ بعَمَلِ قومِ لُوطٍ، فكانتْ صريحةً فيه، كقولِه: يا زَانِى. ولأنَّ قومَ لُوطٍ لم يَبْقَ منهم أحَدٌ، فلا يَحْتَمِلُ أن يُنْسَبَ إليهم.

فصل: وإن قال: أردتُ أنَّك على دِينِ لُوطٍ، أو أنَّك تُحِبُّ الصِّبْيانَ، أو تقبِّلُهم، أو تَنْظُرُ إليهم، أو أنَّكَ تتخَلَّقُ بأخْلاقِ قومِ لُوطٍ في أنْدِيَتِهم، غيرَ إتيانِ الفاحشةِ، أو أنَّك تَنْهَى عن الفاحِشَةِ كَنْهِى لُوطٍ عنها، أو نحوَ ذلك، خُرِّجَ في هذا كلِّه وَجْهان؛ بِناءً على الرِّوايَتَيْنِ المنْصُوصَتَيْنِ في المسألةِ؛ لأنَّ هذا في مَعْناه.

١٥٦٩ - مسألة؛ قال: (وكَذَلِكَ مَنْ قَالَ: يا مَعْفُوجُ)

المنصُوصُ عن أحمدَ، في مَن قال: يا معفوجُ (١). أنَّ عليه الحَدَّ. وكلامُ الْخِرَقِىِّ يقْتَضِى أنَّه يُرْجَعُ إلى تفسيرِه، فإن فَسَّرَهُ بغيرِ الفاحِشَةِ، مثل أن قال: أردتُ يا مَفْلوجُ أو يا مُصابًا دُونَ الفرجِ. ونحو هذا، فلا حَدَّ عليه؛ لأنَّه فَسَّرَه بما لا حَدَّ فيه. وإن فَسَّرَه بعَمَلِ قومِ لُوطٍ، فعليه الحَدُّ، كما لو صَرَّحَ به. ووَجْهُ القَوْلَيْنِ ما تقدَّم في التي قَبْلَها.

فصل: وكلامُ الْخِرَقِىِّ يقْتَضِى أنْ لا يجبَ الحَدُّ على القاذِفِ إلَّا بلفظٍ صريحٍ، لا يَحْتَمِلُ غيرَ القذفِ، وهو أن يقول: يا زَانى. أو ينطِقَ باللَّفظِ الحقيقىِّ في الجماعِ، فأمَّا ما عَداه من الألْفاظِ، فيُرْجَعُ فيه إلى تَفْسيرِه؛ لما ذكرْنا (٢) في هاتَيْنِ المسْألتَيْن، فلو


(١) عفج الجارية: جامعها.
(٢) في الأصل، ب: "ذكر".

<<  <  ج: ص:  >  >>