للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأُولَى، لَكان قد (١٥) غَرَّهُ في الثانيةِ. ولَنا، أنَّه إنَّما أذِنَ له في الأُولَى بِشَرْطِ كِفَايَتِه، فقَطَعَه بدُونِ شَرْطِه، وفي الثانيةِ أذِنَ له من غيرِ شَرْطٍ، فافْتَرَقَا، ولم يَجِبْ عليه الضَّمانُ في الأُولَى لِتَغْرِيرِه، بل لِعَدَمِ الإِذْنِ في قَطْعِه؛ لأنَّ إذْنَه مُقَيَّدٌ بِشَرْطِ كِفَايَتِه، فلا يكونُ إذْنًا في غيرِ ما وُجِدَ فيه الشَّرْطُ، بخِلَافِ الثانيةِ.

فصل: فإن أمَرَه أن يَقْطَعَ الثَّوْبَ قَمِيصَ رَجُلٍ، فقَطَعَه قَمِيصَ امْرأةٍ، فعليه غُرْمُ ما بين قِيمَتِه صَحِيحًا ومَقْطُوعًا؛ لأنَّ هذا قَطْعٌ غيرُ مَأْذُونٍ فيه، فأشْبَهَ ما لو قَطَعَه من غيرِ إذْنٍ. وقيل: يَغْرَمُ ما بين قَمِيصِ امْرَأةٍ وقمِيصِ رَجُلٍ؛ لأنَّه مَأْذُونٌ في قَمِيصٍ في الجُمْلةِ. والأَوّلُ أصَحُّ؛ لأنَّ المَأْذُونَ فيه قَمِيصٌ مَوْصُوفٌ بصِفَةٍ، فإذا قَطَعَ قَمِيصًا غيرَه، لم يكُنْ فاعِلًا لما أُذِنَ فيه، فكان مُتَعَدِّيًا بِابْتِدَاءِ القَطْعِ، ولذلك لا يَسْتَحِقُّ على القَطْعِ أجْرًا، ولو فَعَلَ ما أُمِرَ به، لَاسْتَحَقَّ أجْرَهُ.

فصل: وإن اخْتَلَفَا، فقال: أَذِنْتَ لي في قَطْعِه قَمِيصَ امْرَأةٍ. وقال: بل أَذِنْتُ لك في قَطْعِه قَمِيصَ رَجُلٍ. أو قال: أذِنْتَ لي في قَطْعِه قَمِيصًا. قال: بل قَبَاءً. أو قال الصَّبَّاغُ: أمَرْتَنِى بصَبْغِه أحْمَرَ. قال: بل أسْوَدَ. فالقولُ قولُ الخَيَّاطِ والصَّبَّاغِ. نَصَّ عليه أحمدُ، في رِوَايةِ ابنِ منصورٍ (١٦). وهذا قولُ ابنِ أبي لَيْلَى. وقال مالِكٌ، وأبو حنيفةَ، [وأبو ثَوْرٍ] (١٧): القولُ قولُ رَبِّ الثَّوْبِ. واخْتَلَفَ أصْحابُ الشافِعِيِّ، فمنهم مَن قال: له قَوْلَان، كالمَذْهَبَيْنِ. ومنهم من قال: له قولٌ ثالِثٌ، أنَّهما يَتَحالَفَانِ، كالمُتَبَايِعَيْنِ يَخْتَلِفانِ في الثَّمَنِ. ومنهم مَن قال: الصَّحِيحُ أنَّ القولَ قولُ رَبِّ الثَّوْبِ؛ لأَنَّهما اخْتَلَفَا في صِفَةِ إذْنِه، والقولُ قولُه في أصْلِ الإِذْنِ، فكذلك في صِفَتِه، ولأنَّ الأصْلَ عَدَمُ الإذْنِ المُخْتَلَفِ فيه، فالقولُ قولُ من يَنْفِيه. ولَنا، أنَّهما


(١٥) سقط من: الأصل.
(١٦) في الأصل زيادة: "فقال: القول قول الخياط والصباغ".
(١٧) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>