للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زَرْعِه دُونَ ما أنْفَقَ على أهْلِه. [فاحْتُسِبَ ممَّا أنْفَقَ على زَرْعِه] (١٣)؛ لأنَّه من مُؤْنَةِ الزَّرْعِ. وبهذا قال ابنُ عَبَّاسٍ. وقال عبدُ اللهِ بنُ عمرَ: يَحْتَسِبُ بالدَّيْنَيْنِ جَمِيعًا، ثم يُخْرِجُ ممَّا بَعْدَهما. وقد (١٤) حُكِىَ عن أحمدَ، أنَّ الدَّيْنَ كُلَّهُ يَمْنَعُ الزكاةَ في الأمْوَالِ الظَّاهِرَةِ. فعلَى هذه الرِّوَايَةِ يَحْسِبُ كُلَّ دَيْنٍ عليه، ثم يُخْرِجُ العُشْرَ ممَّا بَقِىَ إن بَلَغَ نِصَابًا، وإن لم يَبْلُغْ نِصَابًا فلا عُشْرَ فيه؛ وذلك لأنَّ هذا (١٥) الوَاجِبَ زَكَاةٌ، فمَنَعَ الدَّيْنُ وُجُوبَها، كزَكَاةِ الأمْوَالِ البَاطِنَةِ، ولأنَّه دَيْنٌ، فمَنَعَ وُجُوبَ العُشْرِ، كالخَرَاجِ، وما أنْفَقَهُ على زَرْعِهِ. والفَرْقُ بَيْنَهُما على الرِّوَايَةِ الأُولَى، أنَّ ما كان من مُؤْنَةِ الزَّرْعِ، فالحَاصِلُ في مُقَابَلَتِه يَجِبُ صَرْفُه إلى غَيْرهِ، فكأنَّهُ لم يَحْصُلْ.

فصل: ومن اسْتَأْجَرَ أرْضًا فزَرَعَها، فالعُشْرُ عليه دُونَ مَالِكِ الأرْضِ. وبهذا قال مَالِكٌ، والثَّوْرِيُّ، وشُرَيْكٌ، وابنُ المُبَارَكِ، والشَّافِعِيُّ، وابْنُ المُنْذِرِ. وقال أبو حنيفةَ: هو على مالِكِ الأرْضِ؛ لأنَّه من مُؤْنَتِها، فأشْبَه الخَرَاجَ. ولَنا، أنَّه واجِبٌ في الزَّرْعِ، فكان على مالِكِه، كزَكَاةِ القِيمَةِ فيما إذا أعَدَّهُ لِلتِّجَارَةِ، وكعُشْرِ زَرْعِه في مِلْكِه، ولا يَصِحُّ قَوْلُهم: إنَّه من مُؤْنَةِ الأَرْضِ. لأنَّه لو كان من مُؤْنَتِها لَوَجَبَ فيها وإن لم تُزْرَعْ، كالخَرَاجِ، ولَوَجَبَ على الذِّمِّيِّ كالخَرَاجِ، ولَتَقَدَّرَ بِقَدْرِ الأرْضِ لا بِقَدْرِ الزَّرْعِ، ولَوَجَبَ صَرْفُه إلى مَصارِف الفَىْءِ دون مَصْرِفِ الزكاةِ. ولو اسْتعارَ أرْضًا فزَرَعَها، فالزكاةُ على صاحِبِ الزَّرْعِ؛ لأنَّه مَالِكُه. وإن غَصَبَها فَزَرَعَها وأخَذَ الزَّرْعَ، فالعُشْرُ عليه أيضًا؛ لأنَّه ثَبَتَ على مِلْكِه. وإن أخَذَهُ مَالِكُها قبل اشْتِدَادِ حَبِّهِ، فالعُشْرُ عليه. وإن أخَذَهُ بعد ذلك، احْتَمَلَ أن يَجِبَ عليه أيْضًا؛ لأنَّ أخْذَهُ إيَّاهُ اسْتَنَدَ إلى أوَّل زَرْعِه، فكأنَّه


(١٣) سقط من: أ، م.
(١٤) سقطت "قد" من: أ، م.
(١٥) سقط من: أ، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>