للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَكْعَتَيْنِ. وقال عليه السَّلَامُ: "الوِتْرُ رَكْعَةٌ من آخِرِ اللَّيْلِ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ (٧). وعن ابْنِ أبى ذِئْبٍ، عن نافِعٍ، عن ابْنِ عمرَ، أن رَجُلًا سَأَلَ رسولَ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الوِتْرِ؟ فقال رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "افْصِلْ بَيْنَ الوَاحِدَةِ والثِّنْتَيْنِ بالتَّسْلِيمِ". رَوَاهُ الأثْرَمُ، بإسْنَادِه. وهذا نَصٌّ. فأمَّا حَدِيثُ عائِشَةَ الذي احْتَجُّوا به، فليس فيه تَصْرِيحٌ بأنَّها بِتَسْلِيمٍ واحدٍ، وقد قالتْ في الحديثِ الآخَرِ: يُسَلِّم بين كلّ رَكْعَتَيْنِ. وَأمَّا إذا أوْتَرَ بِخَمْسٍ فيَأْتى الكَلَامُ فيه. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّه إنْ (٨) صَلَّى خَلْفَ إمامٍ، يُصَلِّى الثَّلَاثَ بِتَسْلِيمٍ واحِدٍ، تابَعَهُ؛ لِئَلَّا يُخَالِفَ إمَامَهُ. وبه قال مالِكٌ. [وقد قال] (٩) أحمدُ في رِوَايةِ أبِى دَاوُدَ، في مَن يُوتِرُ فَيُسَلِّمُ من الثِّنْتَيْنِ، فيَكْرَهُونَه. يعني أهْلَ المَسْجِدِ. قال: فلو صَارَ إلى ما يُرِيدُونَ! يعني أن ذلك سَهْلٌ، لا تَضُرُّ مُوَافَقَتُه إيَّاهُم فيه.

فصل: يَجُوزُ أن يُوتِرَ بإحْدَى عَشرَةَ رَكْعَةً، وبِتسْعٍ، وبِسَبْعٍ، وبِخَمْسٍ، وبِثَلَاثٍ، وبوَاحِدَةٍ؛ لما ذَكَرْنا من الأخْبَارِ. فإن أوْتَرَ بإحْدَى عَشَرَةَ سَلَّمَ مِن كلِّ رَكْعَتَيْنِ، وإن أوْتَرَ بثَلَاثٍ، سَلَّمَ من الثِّنْتَيْنِ وأوْتَرَ بوَاحِدَةٍ، وإن أَوْتَرَ بِخَمْسٍ، لم يَجْلِسْ إلَّا في آخِرِهِنَّ، وإن أَوْتَرَ بِسَبْعٍ، جَلَسَ عَقِيبَ السَّادِسَة، فَتَشَهَّدَ ولم يُسَلِّمْ، ثم يَجْلِسُ بعد السَّابِعَةِ، فَيَتَشَهَّدُ ويُسَلِّمُ، وإن أوْتَرَ بتِسْعٍ، لم يَجْلِسْ إلَّا عَقِيبَ الثَّامِنَةِ، فَيَتَشَهَّدُ، ثم يَقُومُ فَيأْتى بالتَّاسِعَةِ، ويُسَلِّمُ. ونَحْوَ هذا قال إسْحاقُ. وقال القاضي: في السَّبْعِ لا يَجْلِسُ إلَّا في آخِرِهِنَّ أيضًا، كالخَمْسِ، فأما الإِحْدَى عَشرَةَ، والثَّلَاثُ فقد ذَكَرْنَاهُما. وأما الخَمْسُ، فقد رُوِىَ عن زيدِ بن ثابِتٍ؛ أنَّه كان يُوتِرُ بِخَمْسٍ، لا يَنْصَرِفُ إلَّا في آخِرِهَا. ورَوَى عُرْوَةُ عن عائشةَ، قالت: كان رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُصَلِّى من اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشرَةَ رَكْعَةً، يُوتِرُ


(٧) تقدم في صفحة ٥٧٨.
(٨) في أ، م: "إذا".
(٩) في الأصل: "وقال".

<<  <  ج: ص:  >  >>