للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وإِنْ قال: واللَّهِ لأَشْرَبَنَّ ماءَ هذا الكُوزِ غَدًا. فانْدَفَقَ اليومَ، أو: لآكلَنَّ هذا الخبزَ غَدًا. فتَلِفَ، فهو على نَحْوٍ ممَّا ذَكَرْنا فى العبدِ. قال صالحٌ: سألْتُ أبى عن الرجل يَحلِفُ أَنْ يَشْرَبَ هذا الماءَ، فانْصَبَّ؟ قال: يَحْنَثُ. وكذلك لو (٨) حَلَفَ أَنْ يأْكُلَ هذا الرَّغِيفَ، فأكَلَه كَلْبٌ؟ قال: يَحْنَثُ؛ لأنَّ هذا لا يَقْدِرُ عليه.

١٨٣٨ - مسألة؛ قال: (وَمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يُكَلِّمَهُ حِينًا، فكَلَّمَه قبلَ السِّتَّةِ أَشْهُرٍ، حَنِثَ)

وجملةُ ذلك أنَّه إذا حَلَفَ لا يُكَلِّمُه حِينًا، فإنْ قيَّدَ ذلك بلَفْظِه أو بنِيَّتِه بزَمَن، تَقَيَّدَ به، وإِنْ أَطْلَقَه، انْصَرَفَ إلى سِتَّةِ أَشْهُرٍ. رُوِىَ ذلك عن ابنِ عَبَّاسٍ (١). وهو قَوْلُ أصْحابِ الرَّأْىِ. وقال مُجاهِدٌ، والحَكَمُ، وحمَّادٌ، ومالِكٌ: هو سَنَةٌ؛ لقولِه تعالى: {تُؤْتِى أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} (٢). أى كُلَّ عامٍ. وقال الشافِعِىُّ، وأبو ثوْرٍ: لا قَدْرَ له، ويبَرُّ بأَدْنَى زَمَنٍ؛ لأنَّ الحِينَ اسمٌ مُبْهَمٌ يقَعُ على القليلِ والكثيرِ، قال اللَّهُ تعالى: {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ} (٣). قيل: أرادَ يومَ القيامَةِ. وقال: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ} (٤). وقال: {فَذَرْهُمْ فِى غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ} (٥). وقال: {حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} (٦). ويُقال: جئْتُ مُنْذُ حِين. وإِنْ كان أتاه مِن (٧) ساعةٍ. ولَنا، أَنَّ الحِينَ المُطْلَقَ فى كلامِ اللَّه تعالى أَقَلُّه سِتَّةُ أشْهُرٍ. قال عِكْرِمَةُ، وسعيدُ بنُ جُبَيْر، وأبو عُبَيْد، فى قولِه تعالى: {تُؤْتِى أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ}: إنَّه سِتَّةُ أشْهُرٍ. فيُحْمَلُ مُطْلَقُ كلامِ الآدَمِىِّ على مُطْلَقِ كلامِ اللَّه تعالى، ولأنَّه قولُ ابنِ عبَّاسٍ، ولا


(٨) فى م: "إن".
(١) أخرجه الطبرى فى تفسير آية ٢٥ من سورة إبراهيم. تفسير الطبرى ١٣/ ٢٠٨.
(٢) سورة إبراهيم ٢٥.
(٣) سورة ص ٨٨.
(٤) سورة الإنسان ١.
(٥) سورة المؤمنون ٥٤.
(٦) سورة الروم ١٧.
(٧) فى ب: "منذ".

<<  <  ج: ص:  >  >>