للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وكَيْفَما حَصَل الإِنْقَاءُ في الاسْتِجْمارِ أجْزَأَهُ. وذكر القاضي أنَّ المُسْتَحَبَّ أن يُمرَّ الحَجَرَ الأَوَّلَ مِنْ مُقَدَّمِ صَفْحَتِه (٣) اليُمْنَى إلى مُؤَخَّرِها، ثم يُدِيرَه عَلَى اليُسْرَى، حتَّى (٤) يَرْجِعَ به إلى المَوْضِع الذي بَدَأ منه؛ ثم يُمِرَّ الثانىَ مِن مُقَدَّمِ صَفْحَتِه اليُسْرَى كذلك؛ ثم يُمِرَّ الثالثَ علَى المَسْرُبَةِ (٥) والصَّفْحَتَيْنِ؛ لقَوْلِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَوَ لَا يَجِدُ أحَدُكمْ حَجَرَيْنِ للصَّفْحَتَيْنِ وحَجَرًا للمَسْرُبَةِ! ". رَوَاه الدَّارَقُطْنِىُّ (٦). وقال: إسنادُه (٧) حَسَنٌ. ويَنْبَغِى أنْ يَعُمَّ المَحَلَّ بكلِّ واحدٍ من الأحْجارِ؛ لأنَّه إذا لم يَعُمّ به كان ذلك تَلْفِيقًا، فيكون بمنزلةِ مَسْحةٍ واحدةٍ، ولا يكون تَكْرَارًا. ذكر هذا الشَّرِيف أبو جعفر (٨)، وابنُ عَقِيل، وقالا: معنَى الحديثِ البِدايةُ بهذهِ المواضعِ، ويَحْتَمِلُ أن يُجْزِئَه لكُلِّ جِهَةٍ مَسْحَةٌ، لظاهرِ الخَبَرِ. واللهُ أعلمُ.

فصل: ويُجْزِئُه الاسْتِجْمارُ في النَّادرِ (٩)، كما يُجْزِىءُ في المُعْتادِ. ولأصحابِ الشّافِعِىِّ وَجْهٌ، أنَّه لا يُجْزِىءُ في النَّادرِ. قال ابنُ عبد البَرِّ: ويَحْتَمِلُ أن يكونَ قَوْلَ مالكٍ؛ لأنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أمَرَ بغَسْلِ الذَّكَرِ مِنَ المَذْىِ، والأَمْرُ يَقْتَضِى الوُجُوبَ. قال ابنُ عبدِ البَرِّ: واسْتَدَلُّوا بأنَّ الآثارَ كُلَّها علَى اختلافِ ألْفاظِها وأسانِيدِها ليس فيها ذِكْرُ اسْتِنْجاءٍ، إنَّما هو الغَسْلُ؛ ولأنَّ النَّادرَ لا يَتكَرَّرُ، فلا يَشُقُّ (١٠) اعْتبارُ الماءِ فيه، فوَجَبَ، كغَسْلِ غيرِ هذا المَحَلِّ. ولنَا أن الخَبَرَ عامٌّ في الجَمِيعِ؛ وأنَّ الاسْتِجْمارَ في النَّادرِ إنَّما وَجَب ما صَحِبَه مِن بِلَّةِ المُعْتادِ، ثم إنْ لم يَشُقَّ فهو في


(٣) الصفحة: جانب المخرج.
(٤) في م: "ثم".
(٥) المسربة؛ بفتح الراء وضمها: مجرى الحدث من الدبر.
(٦) في: باب الاستنجاء، من كتاب الطهارة. سنن الدارقطني ١/ ٥٦.
(٧) في سنن الدارقطني: "إسناد".
(٨) هو عبد الخالق بن عيسى، تقدم التعريف به، صفحة ٢٩.
(٩) النادر: القليل الوقوع
(١٠) في م: "يبقى".

<<  <  ج: ص:  >  >>