للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فى العامِّ إذا لم يُوجَد المُخصَّصُ، وبالإِطْلاقِ فى المُطْلَقِ إذا لم يوجَدِ المُقَيِّدُ. فأمَّا غيرُ المدخولِ بها، فلا تُطْلُقُ إلَّا طلقةً واحدةً، سَواءٌ نَوَى الإِيقاعَ أو غيَره، وسَواءٌ قال ذلك مُنْفَصِلًا، أو متَّصِلًا. وهذا قولُ أبى بكرٍ بنِ عبدِ الرَّحمنِ بن الحارثِ، وعِكْرِمَةَ، والنَّخَعىّ، وحَمَّادِ بنِ أبى سليمانَ، والحَكَمِ، والثَّورىِّ، والشَّافعىِّ، وأصْحابِ الرَّأْىِ، وأبى عُبَيدٍ، وابن المُنْذِرِ. وذكره الحَكَمُ عن علىٍّ، وزيدٍ بنِ ثابتٍ، وابنِ مَسْعودٍ. وقال مالكٌ، والأوزاعىُّ، واللَّيثُ: يقَعُ بها طَلْقتان (٣)، وإن قال ذلك ثلاثًا، طَلُقَتْ ثلاثًا، إذا كان مُتَّصِلًا؛ لأنَّه طَلَّقَ ثلاثًا بكلامٍ مُتَّصلٍ، أشْبَهَ قولَه: أنتِ طالقٌ ثلاثًا. ولَنا، أنَّه طلاقٌ مُفَرَّقٌ، فى غيرِ المدْخولِ بها، فلم تَقَعْ إلَّا (٤) الأُولَى، كما لو فَرَّقَ كلامَه، ولأنَّ غيرَ المدْخولِ بها تَبِينُ بطَلْقةٍ؛ لأنَّه لا عِدَّةَ عليها، فتُصَادِفُها الطَّلْقةُ الثَّانيةُ بائنًا، فلم يُمْكِنْ وُقوعُ الطَّلاقِ بها؛ لأنَّها غيرُ زوجةٍ، وإنَّما تَطْلُقُ الزَّوْجةُ، ولأنَّه قولُ مَن سَمَّينا مِن الصَّحابةِ، ولا نَعْلمُ لهم مُخالِفًا فى عصرِهم، فيَكونُ إجْماعًا.

فصل: فإن قال: أنتِ طالقٌ. ثم مضى زمنٌ طويلٌ، ثم أعادَ ذلك للمَدْخُولِ بها، طَلُقَتْ ثانيةً، ولم يُقْبَلْ قولُه: نَوَيتُ التَّوْكيدَ؛ لأنَّ التَّوكيدَ تابعٌ للكلامِ، فشَرْطُه أن يكون مُتَّصِلًا به، كسائرِ التَّوابِع؛ من العطِف، والصِّفة، والبَدَلِ.

فصل: وكلُّ طلاقٍ يتَرتَّبُ فى الوُقوعِ، ويأْتِى بعضُه بعدَ بعضٍ، لا يقَعُ بغيرِ المدْخُولِ بها منه أكثرُ من طَلْقةٍ واحدةٍ؛ لما ذكَرْناه. ويقَعُ بالمدْخُولِ بها ثلاثٌ إذا أوْقَعَها، مثل قولِه: أنتِ طالقٌ، فطالقٌ، فطالقٌ. أو: أنت طالقٌ، ثم طالقٌ، ثم طالقٌ. أو: أنتِ طالقٌ ثم طالقٌ وطالقٌ. أو: فطالقٌ. وأشْباهُ ذلك؛ لأنَّ هذه حروفٌ تقْتضِى التَّرْتيبَ، فتقَعُ بها الأُولَى فَتُبِينُها، فتَأْتِى الثَّانيةُ فتُصَادِفُها بائنًا غيرَ زوجةٍ، فلا تقَعُ بها. وأمَّا المدْخُولُ بها، فتأْتِى الثَّانيةُ فتُصادِفُ محلَّ النِّكاحِ، فتَقَعُ، وكذلك الثّالثةُ. وكذلك لو قال: أنتِ


(٣) فى م: "تطليقتان".
(٤) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>