للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُدَّةِ الحَمْلِ، وتَنْقَضِى عِدَّتُها من الثانى بوَضْعِه؛ لأنَّ الولدَ منه، وعليها أن تُرْضِعَه اللَّبَأَ (٨٥)؛ لأنَّ الولدَ لا يقومُ بدَنُه إلَّا به، فإن رُدَّتْ إلى الأوَّلِ، فله مَنْعُها من إرْضاعِه (٨٦)، كما له أن يَمْنَعَهَا من رَضاعِ أجْنَبِىٍّ؛ لأنَّ ذلك يَشْغَلُها عن حُقُوقِه, إلَّا أن يُضْطَرَّ إليها، ويُخْشَى عليه التَّلَفُ، فليس له مَنْعُها من إرْضاعِه؛ لأنَّ هذا حالُ ضَرُورةٍ. فإن أرْضَعَتْه فى بيتِ الزَّوْجِ الأوَّلِ، لم تَسْقُطْ نفقَتُها؛ لأنَّها فى قَبْضَتِه ويَدِه، وإن أرضعَتْه فى غيرِ بَيْتِه بغيرِ إذْنِه، فلا نَفقةَ لها؛ لأنَّها ناشِزٌ، وإن كان بإذْنِه، خُرِّجَ على الرّوايتَيْن فيما إذا سافَرَتْ لحاجَتِها (٨٧) بإذْنِه.

فصل: فى مِيرَاثِها من الزَّوْجينِ، وَتَوْرِيثِهِما منها. متى مات زوجُها الأوَّلُ، أو ماتتْ قبلَ تزَوُّجِها بالثاني، وَرِثَتْه ووَرِثَها، وكذلك إن تزَوَّجَتِ الثاني فلم يَدْخُلْ بها؛ لأنَّنا قد تبيَّنَّا أنَّه متى قَدِمَ قبلَ الدُّخولِ بها، رُدَّتْ إليه بغيرِ تَخْيِيرٍ. وقد ذكرْنا أنَّ القاضىَ ذكَرَ أنَّ فيها روايةً أُخْرَى، أنَّه يُخَيَّرُ فيها. فعلى هذه الرِّوايةِ، حُكْمُه حكمُ ما لو دَخَلَ بها الثانى. فأمَّا إن دَخَلَ الثانى بها نظَرْنا؛ فإن قَدِمَ الأوَّلُ، فاختارَها، ورُدَّتْ إليه، وَرِثَها ووَرِثَتْه، ولم تَرِث الثانى ولم يَرِثْها؛ لأنَّه لا زَوْجِيَّةَ بينهما. وإن مات أحدُهما قبلَ اختيارِها؛ إمَّا فى الغَيْبةِ، أو بعدَ قُدُومِه، فإن قُلْنا: إنَّ (٨٨) لها أن تتزَوَّجَ. وَرِثَتِ الزَّوجَ الثانىَ ووَرِثَها، ولم تَرِثِ الأوَّلَ ولم يَرِثْها؛ لأنَّ مَنْ خُيِّرَ بَيْنَ شيئيْنِ، فتَعَذّرَ أحدُهما، تعَيَّنَ الآخَرُ. وإن ماتتْ قبلَ اخْتيارِ الأوَّلِ، خُيِّرِ، فإن اخْتارَها وَرِثَها، وإن لم يَخْتَرْها وَرِثها الثانى. هذا ظاهرُ قولِ أصْحابِنا. وأمَّا على ما أخْتارُه، فإنَّها لا تَرِثُ الثانى ولا يَرِثُها بحالٍ، إلَّا أن يُجَدِّدَ لها عَقْدًا، أو لا يَعْلَمَ أنَّ الأوَّلَ كان حيًّا، ومتى عَلِمَ أنَّ الأوَّلَ كان حيًّا، وَرِثَها ووَرِثَتْه، إلَّا أن يخْتارَ تَرْكَها، فتَبِينُ منه بذلك، فلا تَرِثُه ولا يَرِثُها.


(٨٥) اللبأ: أول اللبن.
(٨٦) فى الأصل، أ: "رضاعه".
(٨٧) سقط من: الأصل.
(٨٨) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>