للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منهم إلَّا واحدًا. وسواءٌ نَذَرتْه مُعَيَّنًا، أو عَنَتْ واحدًا غيرَ مُعَيَّنٍ، فأمَّا قولُ أحمدَ: وتكفِّرُ يَمِينَها. فيَحْتَمِلُ أنَّه أرادَ أَنَّ ذَبْحَ الكِباشِ كفَّارَةُ يَمِينها. ويَحْتَمِلُ أنَّه كان مع نَذْرِها يَمِينٌ. وأمَّا على الرِّوايَة الأُخْرَى، تُجْزِئها كَفَّارَة يَمِينٍ، على ما سَبَقَ.

١٧٩٥ - مسألة؛ قال: (وَمَنْ حَلَفَ بِعِتْقِ مَا يَمْلِكُ، فحَنِثَ، عَتَقَ عَلَيْه كُلُّ مَا يَمْلِكُ مِن عَبِيدهِ، وَإِمَائِهِ، ومُكاتَبِيهِ، ومُدَبَّرِيهِ، وَأُمَّهَاتِ أوْلَادِهِ، وشِقْصٍ يَمْلِكُهُ مِنْ (١) مَمْلُوكِهِ)

معناه إذا قال: إنْ فَعَلْتُ كذا، فَكُلُّ مَمْلُوكٍ لى حُرٌّ أو عَتِيقٌ، أو فكُلُّ ما أَملِكُ حُرٌّ. فإنَّ هذا إذا حَنِثَ عَتَقَ مَمالِيكُه، ولم تُغْنِ عنه كَفّارَةٌ. رُوِىَ ذلك عن ابنِ عمرَ، وابْنِ عبَّاسٍ. وبه قال ابنُ أبى ليلَى، والثَّوْرِىُّ، ومالِكٌ، والأوْزَاعِىُّ، واللَّيْثُ، والشافِعىُّ، وإسحاقُ. ورُوِىَ عن ابنِ عمرَ، وأبى هُرَيْرَةَ، وعائِشَةَ، وأبى سلمَةَ، وحَفْصَةَ، وزينبَ بنتِ أبى سَلَمَةَ، والحسنِ، وأبى ثَوْرٍ: تُجْزِئُه كَفّارَةُ يَمِينٍ. لأَنَّها يَمِينٌ، فتَدْخُلُ فى عُمومِ قولِ اللَّه تعالى: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} (٢). ورُوىَ عن أبى رافِعٍ، قال: قالتْ مَوْلاتِى لَيْلَى بنتُ العَجْماء: كُلُّ مَمْلُوكٍ لها مُحَرَّرٌ، كلُّ مالٍ لها هَدْىٌ، وهى يَهُودِيَّةٌ وهى نَصْرانِيَّةٌ إنْ لم تُفَرِّقْ بينَكَ وبين امْرأَتِك. قال: فأَتَيْتُ زَيْنَبَ بنتَ أمِّ سَلَمَةَ، ثم أتَيْتُ حَفْصَةَ. إلى أَنْ قال: ثم أتَيْتُ ابنَ عمرَ، فجاءَ معى إليها، فقامَ على البابِ فسَلَّم، فقال: أَمنْ حِجارَةٍ أَنْتِ أم من حَدِيدٍ؟ أَفْتَتْكِ زَيْنَبُ، وأَفتَتْكِ أمُّ المؤْمِنِينَ، كَفِّرِى عن يَمِينِك، وخَلِّى بينَ الرَّجُلِ [وبينَ امْرأَتِه] (٣). رَواه الأثْرَمُ، والجُوزَجانِىُّ مُطَوَّلًا (٤). ولَنا، أَنَّه عَلَّقَ العِتْقَ على شَرْطٍ، وهوْ قابِلٌ للتَعْلِيقِ، فيَقَعُ بوُجودِ شَرْطِه، كالطَّلاقِ، والآيَةُ مخصوصَةٌ بالطَّلاقِ، والعِتْقُ فى مَعْناه، ولأنَّ العِتْقَ ليس بيَمِينٍ فى الحقيقَةِ، إنَّما هو تَعْلِيقٌ على شَرْطٍ، فأشْبَهَ الطَّلاقَ. فأمَّا حديثُ أبى رافِعٍ، قال أحمدُ:


(١) فى ب: "عن".
(٢) سورة المائدة ٨٩.
(٣) فى م: "وامرأته".
(٤) وأخرجه الدارقطنى، فى: كتاب النذور. سنن الدارقطنى ٤/ ١٦٣، ١٦٤. والبيهقى، فى: باب من جعل شيئًا من ماله صدقة أو فى سبيل اللَّه. . .، من كتاب الأيمان. السنن الكبرى ١٠/ ٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>