للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدارِ، فصَعَدَ سَطْحَها، لم يَبَرَّ، ولو حَلَفَ أَنْ لا يَخْرُجَ منها، فصَعَدَ سَطْحَها، لم يَحْنَثْ، ولأنَّه داخِلٌ فى حدودِ الدَّارِ، ومَمْلُوكٌ لصاحِبِها، ويُمْلَكُ بشرائِها، ويخْرُجُ من مِلْكِ صاحِبِها بِبَيْعِها، والبائِتُ عليه، يقالُ: باتَ فى ذارِه. وبهذا يُفارِق ما وراء حَائِطِها. وإِنْ كان فى اليَمِينِ قرينَةٌ لَفْظِيَّةٌ أو حالِيَّةٌ تَقْتَضِى اخْتِصاصَ الإِرادَةِ بداخِلِ الدارِ، مثل أَنْ يكونَ سطحُ الدارِ طَرِيقًا، وسَبَبُ يَمِينِه يَقْتَضِى تَرْكَ وُصْلَةِ أهلِ الدَّارِ، لم يَحْنَثْ بالمرورِ على سَطْحِها، وكذلك إِنْ نَوَى بيَمِيِنه باطِنَ الدَّارِ، تَقَيَّدَتْ يَمِينُه بما نَواهُ؛ لأَنَّه ليس للمرءِ إِلَّا ما نَواهُ.

فصل: فإنْ تَعَلَّق بغُصْنِ شَجَرَةٍ فى الدَّارِ، لم يَحْنَثْ. وإِنْ صَعِدَ حتى صارَ فى مُقابَلَةِ سَطْحِها بينَ حِيطانِها، حَنِثَ. وإِنْ لم ينْزِلْ بين حِيطانِها، احْتَمَلَ أَنْ يَحْنَثَ؛ لأنَّه فى هَوائِها، وهَواؤُها مِلْكٌ لِصاحِبِها، فأشْبَهَ ما لو قامَ على سَطْحِها، واحْتَمَلَ أَنْ لا يَحْنَثَ؛ لأنَّه لا يُسَمَّى داخِلًا، ولا هو على شىء من أجْزائِها، وكذلك [ما لو] (٩) كانت الشَّجَرَةُ فى غيرِ الدَّارِ، فتَعَلَّقَ بفَرْعٍ مَادَ على الدَّارِ فى مُقابَلَةِ سَطْحِها. وإِنْ قامَ على حائِطِ الدَّار، احْتَمَلَ وَجْهَيْن؛ أحدُهما (١٠)، يَحْنَثُ. وهو قولُ أبى ثَوْرٍ، وأصْحابِ الرَّأْىِ؛ لأَنَّه داخِلٌ فى حَدِّها، فأشْبَهَ القائِمَ على سَطْحِها. والثانى، لا يَحْنَثُ؛ لأَنَّه لا يُسَمَّى دخُولًا. وإِنْ قامَ فى طاقِ البابِ فكذلك؛ لأنَّه بمَنْزِلَةِ حائِطِها. وقال القاضِى: إذا قامَ على العَتَبَةِ، لم يَحْنَثْ؛ لأَنَّ البابَ إذا أُغْلِقَ حصَلَ خارِجًا منها، ولا يُسَمَّى داخِلًا فيها.

فصل: وإِنْ حَلَفَ أَنْ لايَضَعَ قَدَمَه فى الدَّارِ، فدَخَلَها راكِبًا أو ماشِيًا، مُنْتَعِلًا (١١) أو حافِيًا، حَنِثَ، كما لو حَلَفَ أَنْ لا يَدْخُلَها. وبهذا قال أصْحابُ الرَّأْىِ. وقال أبو ثَوْرٍ: إِنْ دَخَلَها راكِبًا، لم يَحْنَثْ؛ لأنَّه لم يَضَعْ قَدَمَه فيها. ولَنا، أنَّه قد دَخَلَ الدَّار، فحَنِثَ، كما لو دَخَلَها ماشِيًا، [ولا نُسَلَّمُ أنَّه لم يَضَعْ قَدَمَه فيها، فإِنَّ قَدَمَه مَوْضُوعَةٌ على الدَّابَّةِ فيها. فأشْبَه ما لو دَخَلَها مُنْتَعِلًا] (١٢). وعلى أن هذا فى العُرْفِ عبارَةٌ عن اجْتِنابِ الدُّخولِ، فتُحْمَلُ


(٩) فى أ، ب: "لو". وفى م: "إن".
(١٠) فى م زيادة: "أنه".
(١١) فى م: "منقولا".
(١٢) سقط من: ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>