للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: والشُّرُوطُ الفاسِدَةُ تَنْقَسِمُ (١٤) ثلاثَةَ أقْسَامٍ؛ أحدُها، ما يُنَافِى مُقْتَضَى العَقْدِ، مثل أن يَشْتَرِطَ لُزُومَ المُضَارَبةِ، أو لا يَعْزِلَهُ مُدَّةً بِعَيْنِها، أو لا يَبِيعَ إلَّا برَأْسِ المالِ أو أقَلَّ، أو لا يَبِيعَ إلَّا ممَّن اشْتَرَى منه، أو شَرَطَ أن لا يَشْتَرِىَ، أو لا يَبِيعَ، أو أن يُولِيَهُ ما يَخْتَارُه من السِّلَعِ، أو نحو ذلك، فهذه شُرُوطٌ فاسِدَةٌ؛ لأنَّها تُفَوِّتُ المَقْصُودَ من المُضَارَبةِ، وهو الرِّبْحُ، أو تَمْنَعُ الفَسْخَ الجائِزَ بِحُكْمِ الأَصْلِ. القسم الثاني، ما يَعُودُ بجَهالَةِ الرِّبْحِ، مثل أن يَشْتَرِطَ لِلْمُضارِبِ جُزْءًا من الرِّبْحِ مَجْهُولًا، أو رِبْحَ أحَدِ الكَسْبَيْنِ، أو أحَدِ الأَلْفَيْنِ، أو أحَدِ العَبْدَيْنِ، أو رِبْحَ إحْدَى السَّفْرَتَيْنِ، أو ما يَرْبَحُ في هذا الشَّهْرِ، أو أن حَقَّ أحَدِهما في عَبْدٍ يَشْتَرِيه، أو يَشْتَرِطَ (١٥) لأحَدِهما دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً بجَمِيعِ حَقِّه أو بِبَعْضِه، أو يَشْتَرِطَ جُزْءًا من الرِّبْحِ لأَجْنَبِىٍّ، فهذه شُرُوطٌ فاسِدَةٌ؛ لأنَّها تُفْضِى إلى جَهْلِ حَقِّ كلِّ واحِدٍ منهما من الرِّبْحِ، أو إلى فَوَاتِه بالكُلِّيّةِ، ومن شَرْطِ المُضَارَبةِ كَوْنُ الرِّبْحِ مَعْلُومًا. القسم الثالث، اشْتِرَاطُ ما ليس من مَصْلَحَةِ العَقدِ، ولا مُقْتَضَاهُ، مثل أن يَشْتَرِطَ على المُضَارِبِ المُضَارَبةَ له في مالٍ آخَرَ، أو يَأْخُذَهُ بِضَاعَةً أو قَرْضًا، أو أن يَخْدِمَهُ في شيءٍ بعَيْنِه، أو يَرْتَفِقَ بِبَعْضِ السِّلَعِ، مثل أن يَلْبَسَ الثَّوْبَ، ويَسْتَخْدِمَ العَبْدَ، ويَرْكَبَ الدّابّةَ، أو يَشْتَرِطَ على المُضَارِبِ ضَمَانَ المالِ أو سَهْمًا من الوَضِيعَةِ، أو أنَّه متى باعَ السِّلْعَةَ فهو أحَقُّ بها بالثَّمَنِ، أو شَرَطَ المُضَارِبُ على رَبِّ المالِ شيئا من ذلك. فهذه كلُّها شُرُوطٌ فاسِدَةٌ. وقد ذَكَرْنا كَثِيرًا منها في غيرِ هذا المَوْضِعِ مُعَلَّلًا. ومتى اشْتَرَطَ شَرْطًا فاسِدًا يَعُودُ بِجَهَالَةِ الرِّبْحِ، فَسَدَتِ المُضارَبةُ؛ لأنَّ الفَسَادَ لِمَعْنًى في العِوَضِ المَعْقُودِ عليه، فأفْسَدَ العَقْدَ، كما لو جَعَلَ رَأْسَ المالِ خَمْرًا أو خِنْزِيرًا، ولأنَّ الجَهَالةَ تَمْنَعُ من التَّسْلِيمِ، فتُفْضِى إلى التَّنازُعِ والاخْتِلافِ، ولا يَعْلَمُ ما يَدْفَعُه إلى المُضَارِبِ. وما عدا ذلك (١٦) من الشُّرُوطِ الفاسِدَةِ، فالمَنْصُوصُ عن أحمدَ،


(١٤) في م زيادة: "إلى".
(١٥) في ب: "يشرط".
(١٦) في ب: "هذا".

<<  <  ج: ص:  >  >>