للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبى خَلْدَةَ (١٦)، قال: أَتَيْنَا رَجاءً (١٧) لِنُصَلِّىَ معه الأُولَى، فوَجَدْناهُ قد صَلَّى، فقُلْنا: جِئْنَاكَ لِنُصَلِّىَ معك. فقال: قد صَلَّيْنَا، ولكنْ لا أُخَيِّبُكم، فأقَامَ (١٨) فصَلَّى وصَلَّيْنا معه. رَوَاه الأثْرَمُ. ولأنَّهما صلاتانِ اتَّفَقَتَا في الأفْعَالِ، فجازَ ائْتِمامُ المُصَلِّى في إحْدَاهما بالمُصَلِّى في الأُخْرَى، كالمُتَنَفِّلِ خَلْفَ المُفْتَرِضِ. فأمَّا حَدِيثُهم فالمُرَادُ به، لا تَخْتَلِفُوا عليه في الأفْعَالِ، بِدَلِيلِ قولِه: "فَإذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وإذا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وإذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وإذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجمَعُونَ". ولهذا يَصِحُّ ائْتِمامُ المُتَنَفِّلِ بالمُفْتَرضِ مع اختِلافِ نِيَّتِهما، وقِيَاسُهم يَنْتَقِضُ بالمَسْبُوقِ في الجُمُعةِ يُدْرِكُ أقَلَّ من رَكْعَةٍ، يَنْوِى الظُّهْرَ خَلْفَ من يُصَلِّى الجُمُعةَ.

فصل: ولا يَخْتَلِفُ المَذْهَبُ في صِحَّةِ صَلَاةِ المُتَنَفِّلِ وَرَاءَ المُفْتَرِضِ. ولا نَعْلَمُ بين أهْلِ العِلْمِ (١٩) فيه اخْتِلافًا، وقد دَلَّ عليه قولُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَلَا رَجُلٌ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا، فَيُصَلِّى مَعَهُ" (٢٠). والأحادِيثُ التي في إعادةِ الجماعةِ، ولأنَّ صَلَاةَ المأْمُومِ تَتَأدَّى بِنِيَّةِ الإِمامِ، بِدَلِيلِ ما لو نَوى مَكْتُوَبةً، فبَانَ قَبلَ وَقْتِها.

فصل: فإنْ صَلَّى الظُّهْرَ خَلْفَ من يُصَلِّى العَصْرَ، فَفِيه أيضًا رِوايتَانِ: نَقَلَ إسماعيلُ بنُ سعيد جَوَازَه. ونَقَلَ غيرُه المَنْعَ منه. ونَقَلَ إسماعِيلُ بنُ سعيد، قال:


= أخرجه مسلم، في: باب بين كل أذانين صلاة، من كتاب صلاة المسافرين. صحيح مسلم ١/ ٥٧٥، ٥٧٦. والنسائي، في: أول كتاب صلاة الخوف. المجتبى ٣/ ١٤٦.
(١٦) أبو خلدة خالد بن دينار التميمي البصري، ثقة عند أهل الحديث، توفى سنة اثنتين وخمسين ومائة. تهذيب التهذيب ٣/ ٨٨.
(١٧) في أ، م: "أبا رجاء". والمثبت في: الأصل.
ولعله رجاء بن حيوة بن جرول الكندي، ثقة فاضل كثير العلم، توفى سنة اثنتى عشرة ومائة. تهذيب التهذيب ٣/ ٢٦٥، ٢٦٦.
(١٨) في أ، م: "فقام".
(١٩) سقط: "أهل العلم" من: الأصل.
(٢٠) تقدم في صفحة ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>