للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شَهادةَ شُهودِ الأَصْلِ دونَ الحَقِّ. وليس ذلك بمالٍ، ولا المقْصودُ منه المالُ، ويَطَّلِعُ عليه الرجالُ، فأشْبَهَ القِصاصَ والحَدَّ. والثانية، للنِّساءِ مَدْخَلٌ فيما لو كانَ المشهودُ به يَثْبُتُ بشهادتِهنَّ فى الأصْلِ. قال حَرْبٌ: قيلَ لأحمدَ: فشَهادةُ امْرأتيْنِ على شَهادةِ امْرأَتيْنِ، تَجوزُ؟ قال: نعم. يعنى إذا كان معهما (٢٤) رَجلٌ. وذكَرَ الأَوْزاعِىُّ، قال: سَمِعْتُ نُمَيْرَ بنَ أوسٍ (٢٥) يُجِيزُ شَهادةَ المرأةِ على شهادةِ (٢٦) المرأةِ. ووَجْهُه، أَنَّ المقْصودَ بشَهادةِ الفُروعِ (٢٧)، إثْباتُ الحقِّ الذى يَشْهَدُ به شُهودُ الأصْلِ، فقُبلَتْ فيه شَهادتُهنَّ، كالبَيعِ. ويُفارِقُ الحدَّ والقِصاصَ؛ فإنَّه ليس القَصْدُ من الشَّهادةِ به إثْباتَ مالٍ بحالٍ (٢٤). فأمَّا شهودُ الأصْلِ، فيَدْخُلُ النِّساءُ فيه، فيجوزُ أن يَشْهدَ رَجلان على شَهادةِ رجُلٍ وامرأتيْنِ، فى كلِّ حقٍّ يَثْبُتُ بشَهادتهِنَّ مع الرِّجالِ، فى قولِ أكْثَرِ أهلِ العلمِ. وذكرَ أبو الخَطَّابِ فى المَنْعِ منه رِوايةً أُخْرَى؛ لأنَّ فى الشَّهادةِ على الشَّهادةِ ضَعْفًا، لما ذكرْنا من قَبْلُ، فلا مَدْخلَ للنِّساءِ فيها، لأنَّها تَزْدادُ بشَهادتِهنَّ ضَعْفًا. ولَنا، أَنَّ شُهودَ الفَرْعِ إن كانوا يُثْبِتونَ شَهادةَ الأصْلِ (٢٨)، فهى (٢٩) تَثْبُتُ بشَهادتِهنَّ (٣٠)، وإن كانوا يُثْبِتُون نَفْسَ الحقِّ، فهى تَثْبُتُ بشَهادتِهنَّ، ولأنَّ النِّساءَ شهِدْنَ بالمالِ، أو ما يُقصَدُ به المالُ، فيَثْبُتُ بشَهادتِهنَّ، كما لو أدَّيْنَها عندَ الحاكِم. وما ذُكِرَ للرِّوايةِ الأُخْرَى، لا أصْلَ له.

فصل: ويجوزُ أن يَشْهَدَ على (٢٦) كلِّ واحدٍ من شاهِدَىِ الأَصْلِ شاهدُ فَرْعٍ، فيَشْهَدَ شاهدَا فَرْعٍ على شاهِدَىْ أصْلٍ. قال القاضى: لا يَخْتلِفُ كلامُ أحمدَ فى هذا. وهو قولُ شُرَيْحٍ، والشَّعْبِىِّ، والحَسنِ، وابن شُبْرُمَةَ، وابنِ أبى ليلَى، والثَّورىِّ، وإسْحاقَ،


(٢٤) سقط من: أ.
(٢٥) فى بن أوس الأشعرى، قاضى دمشق، ثقة، قليل الحديث. توفى سنة خمس عشرة ومائة. تهذيب التهذيب ١٠/ ٤٧٥، ٤٧٦.
(٢٦) سقط من: ب، م.
(٢٧) فى أ: "الفرع".
(٢٨) فى أ: "الأصول".
(٢٩) فى الأصل: "فهو".
(٣٠) فى الأصل، أ، م: "بشهادتهم". وكذلك فى النسخ فى الموضع الثانى.

<<  <  ج: ص:  >  >>