للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والْبَتِّىِّ، والْعَنْبَرىِّ، ونُمَيْرِ بنِ أوسٍ. قال إسْحاقُ: لم يَزَلْ أهلُ العلمِ على هذا، حتى جاء هؤلاء. وقال أحمدُ: وشاهدٌ على شاهدٍ يَجوزُ، لم يَزَلِ الناسُ على ذا؛ شُرَيْحٌ فمَن دُونَه، إِلَّا أَنَّ أبا حنيفةَ أنْكَرَه. وذهَبَ أبو عبدِ اللَّهِ ابنُ بَطَّةَ، إلى أنَّه لا يُقْبَلُ على كلِّ شاهدِ أصْلٍ إِلَّا شاهدا فَرْعٍ. وهذا قولُ أبى حنيفةَ، ومالكٍ، والشَّافعىِّ؛ لأنَّ شاهِدَىِ الفَرْعِ يُثْبتانِ شَهادةَ شاهِدَىِ الأَصْلِ، فلا تَثْبُتُ شهادةُ كلِّ واحد منهما بأقلَّ من شاهِدَيْنِ، كما لا يَثْبُتُ إقْرارُ مُقِرَّيْنِ بشهادةِ اثْنَيْنِ، يَشْهدُ على كلِّ واحدٍ منهما واحدٌ. ولَنا، أَنَّ هذا يَثْبُتُ بشاهِدَيْنِ، وقد شهِدَ اثنان بما يُثْبتُه، فيَثْبُتُ، كما لو شَهِدَا بنَفْسِ الحقِّ، ولأنَّ شاهِدَى الفَرْعِ بدَلٌ مِن شُهودِ الأَصْلِ، فَيَكْفِى فى عَددِهما (٣١) ما يَكْفِى فى شَهادةِ الأصلِ، ولأنَّ هذا إجْماعٌ، على ما ذكرَه أحمدُ وإسْحاقُ، ولأنَّ شاهِدَىِ الفَرْعِ لا يَنْقُلانِ عن شاهِدَىِ الأَصْلِ حقًّا عليهما، فوجَبَ أن يُقْبَلَ فيه قولُ واحدٍ، كأخْبارِ الدِّياناتِ، فإنَّهم إنَّما يَنْقُلون الشَّهادَةَ، وليست حقًّا عليهما (٣٢)، ولهذا لو أنْكرَاها لم يُعِدِ الحاكمُ عليهما، ولم يَطْلُبْها منهما. وهذا الجوابُ عمَّا ذكَرُوه. فإذا ثبَتَ هذا، فمَن اعْتبَرَ لكُلِّ شاهِدِ أصْلٍ شاهِدَىْ فَرْعٍ، أجازَ أن يشْهدَ شاهدان على كلِّ واحدٍ من شاهِدَىِ الأَصْلِ. وبهذا قال مالكٌ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. قال الشَّافعىُّ: ورأيتُ كثيرًا من الحُكَّامِ والمُفْتِينَ يُجيزُه. وخرَّجَه على قَوْلَيْنِ؛ أحدُهما، جوازُه. والآخَرُ، لا يَجوزُ حتى يكونَ شُهودُ الفَرْعِ أرَبعةً، على كلِّ شاهدِ أصلٍ شاهدَا فَرْعٍ. واخْتارَه المُزَنِىُّ؛ لأنَّ مَن يَثْبُتُ به أحَدُ طَرَفَى الشَّهادةِ، لا يَثْبُتُ به الطَّرفُ الآخَرُ، كما لو شهِدَ أصْلًا (٣٣) [مع شاهدٍ] (٣٤)، ثم شهِدَ مع آخَرَ على شَهادةِ (٣٥) شاهِدِ الأَصْلِ الآخَرِ. ولَنا، أنَّهما شَهِدَا على قَوْليْنِ، فوجَبَ أن يُقْبَلَ، كما لو شهِدَا [بإقْرار اثْنَيْن، أو بإقْرَارَيْن بحَقَّيْن] (٣٦). وإنَّما لم يَجُزْ أن يَشْهدَ شاهدُ الأَصْلِ فَرْعًا؛ لأنَّه يُؤدِّى إلى أن يكونَ بَدَلٌ أصْلًا فى شهادةٍ بحقٍّ، وذلك لا يجوزُ، ولأنَّهم


(٣١) فى م: "عددها".
(٣٢) فى ب، م: "عليهم".
(٣٣) فى أ، م: "أصل".
(٣٤) سقط من: الأصل، ب.
(٣٥) سقط من: أ.
(٣٦) فى الأصل: "اثنين بإقرارين بحقين". وفى ب: "بإقرارين أو بإقرارين بحقين". وفى م: "بإقرارين بحقين أو بإقرار اثنين".

<<  <  ج: ص:  >  >>