للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صحيحةً، ويُسْراهُ ناقِصَةً نَقْصًا يَذْهَبُ بمُعْظَمِ نَفْعِها، مثل أن يَذْهَبَ منها الإِبهامُ أو الوُسْطَى أو السَّبَّابَةُ، احْتَمَلَ أنَّه (١٥) كقَطْعِها، وينتقلُ إلى رِجْلِه. وهذا قولُ أصْحابِ الرَّأْىِ. واحْتَمَلَ أن تُقْطَعَ يُمْناه؛ لأنَّ له يدًا ينْتَفِعُ بها، أشْبَهَ ما لو قُطِعَتْ خِنْصَرُها. وإن كانتْ يَداهُ صَحِيحَتَيْنِ، ورِجْلُه اليُمْنَى شَلَّاءَ أو مقطوعَةً، فلا أعلَمُ فيها قولًا لأصحابِنا، ويَحْتَمِلُ وَجْهين؛ أحدُهما، تُقْطَعُ يمينُه. وهو مذهبُ الشَّافِعِى؛ لأنَّه سارِقٌ [له يُمْنَى، فقُطِعَتْ عملًا بالكتابِ والسُّنَّةِ، ولأنَّه سارِقٌ] (١٦) له يَدَانِ، فَتُقْطَعُ يُمْناهُ. كما لو كانت المقطوعَةُ رِجْلَه اليُسْرَى. والثانى، لا يُقْطَعُ منه شَىْءٌ. وهو قولُ أصْحابِ الرَّأْىِ؛ لأنَّ قَطْعَ يُمْناهُ يذهبُ بمَنْفَعةِ المَشْىِ من الرِّجْلَيْنِ. فأمَّا إن كانتْ رِجْلُه اليُسْرَى شَلَّاءَ، ويَداهُ صَحِيحتانِ، قُطِعَتْ يدهُ اليُمْنَى؛ لأنَّه لا يُخْشَى تَعَدِّى ضَرَرِ القَطْعِ إلى غيرِ المَقْطوعِ. وعلى قياسِ هذه المسألِة، لو سرقَ ويدُه اليُسْرَى مَقْطوعَةٌ، أو شَلَّاءُ، لم يُقْطَعْ منه شَىْءٌ؛ لذلك. وأنكرَ هذا ابنُ المُنْذِرِ. وقال: أصحابُ الرَّأى، بقولِهِم هذا، خالَفُوا كتابَ اللهِ بغيرِ حُجَّةٍ.

١٥٨٣ - مسألة؛ قال: (والْحُرُّ واْلحُرَّةُ، والعَبْدُ، والأَمَةُ، في ذلك سَوَاءٌ)

أمَّا الحُرُّ والحُرَّةُ، فلا خلافَ فيهما. وقد نَصَّ اللَّه تعالى على الذَّكَرِ والأُنْثَى بقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (١). ولأنَّهما اسْتَويَا في سائِرِ الحدُود، فكذلك في هذا، وقد قَطَعَ النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- سارِقَ رِدَاءِ صَفْوانَ (٢)، وقَطَعَ المَخزُومِيَّةَ التي سَرقَتِ القَطِيفَةَ (٣). فأمَّا العبدُ والأمةُ، فإنَّ جُمْهورَ الفقهاءِ وأهلَ الفتْوَى على أنَّهما


(١٥) في م: "أن يكون".
(١٦) سقط من: ب. نقل نظر.
(١) سورة المائدة ٣٨.
(٢) تقدم تخريجه، في صفحة ٤٢٧.
(٣) تقدم تخريجه، في صفحة ٤١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>