للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثلاثًا. لا يَجوزُ عليها (٧) حتى يَعْقِلَ الطَّلاقَ. فقيل له: فإن كانت له زَوْجةٌ صبِيَّةٌ، فقالت: صَيِّرْ أمْرِى إلىَّ. فقال لها: أمرُك بيدك. فقالت: قد اخترتُ نفسى. فقال أحمد: ليس بشىءٍ حتى يكونَ مثلُها يَعقِلُ الطَّلاقَ. وقال أبو بكرٍ: لا يَصِحُّ أن يُوكِّلَ حتى يَبلُغَ. وحكاه عن أحمدَ. [ولَنا، أَنَّ مَن صَحَّ تَصرُّفُه فى شىءٍ ممَّا تَجوزُ الوِكَالةُ فيه بنفسِه، صحَّ تَوكيلُه ووكالتُه فيه، كالبالغِ، وما رُوِىَ عن أحمدَ مِن مَنْعِ ذلك، فهو على الرِّوايةِ التى لا تُجيزُ طَلاقَه، إن شاءَ اللَّهُ تعالى] (٨).

فصل: فأمَّا السَّفِيهُ، فيَقعُ طلاقُه، فى قولِ أكثرِ أهلِ العلمِ؛ منهم القاسِمُ بنُ محمَّدٍ، ومالكٌ، والشَّافعىُّ، وأبو حنيفةَ وأصحابُه. ومَنَعَ منه عطاءٌ. والأوْلَى صِحَّتُه؛ لأنَّه مُكلَّفٌ، مَالِكٌ لمَحَلِّ الطَّلاقِ، فوقعَ طلاقُه كالرَّشيدِ، والحَجْرُ عليه فى مالِه لا يَمْنَعُ تَصرُّفَه فى غيرِ ما هو محجورٌ عليه فيه، كالمُفْلِس.

١٢٥٥ - مسألة؛ قال: (وَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى الطَّلَاقِ، لَمْ يَلْزَمْهُ)

لا تخْتلِفُ الرِّوايةُ عن أحمدَ، أَنَّ طلاقَ المُكْرَهِ لا يَقعُ. ورُوِىَ ذلك عن عمرَ، وعَلِىٍّ، وابنِ عمرَ، وابنِ عبَّاسٍ، وابنِ الزُّبَيْرِ، وجابرِ بنِ سَمُرَةَ. وبه قال عبدُ اللَّه بنُ عُبَيدِ ابن عُميَرٍ، وعِكْرِمَةُ، والحَسَنُ، وجابرُ بنُ زيدٍ، وشُرَيحٌ، وعطاءٌ، وطاوُسٌ، وعمرُ بنُ عبدِ العزيزِ، وابنُ عَوْنٍ، وأَيُّوبُ السَّخْتِيَانِىُّ، ومالكٌ، والأوْزَاعِىِّ، والشَّافعىُّ، وإسحاقُ، وأبو ثورٍ، وأبو عُبَيدٍ. وأجازَه أبو قِلَابةَ، والشَّعْبِىُّ، والنَّخَعِىُّ، والزُّهْرِىُّ، والثَّورِىُّ، وأبو حنيفةَ وصاحباه؛ لأنَّه طلاقٌ مِن مُكلَّفٍ، فى مَحَلٍّ يَمْلِكُه، فيَنْفُذُ (١)، كطلاقِ غيرِ المُكْرَهِ. ولَنا، قولُ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِى الْخَطَأَ، وَالنِّسْيَانَ، وَمَا اسْتُكْرِهُوْا عَلَيْهِ". رَوَاه ابنُ ماجَه (٢). وعن عائشةَ، رَضِىَ اللَّهُ عنها،


(٧) فى ب، م: "عليهما".
(٨) سقط من: أ.
(١) فى الأصل: "فنفذ".
(٢) تقدم تخريجه فى: ١/ ١٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>