للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بامْرَأةٍ وابْنَتِها، فنَفَّلَه أبو بكرٍ ابْنَتَها، فاسْتَوْهَبَها مِنه (٤٤) النَّبِىُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فوَهَبَها له (٤٥). وأُهْدِىَ إلى النَّبىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مارِيَةُ، وأخْتُها سِيرِينُ، فأعْطَى النَّبىُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سِيرِينَ لحَسّانَ بن ثابِتٍ، وتَرَكَ مارِيَةَ له (٤٦). ولأنَّه بعدَ البُلُوغِ يَصِيرُ مُسْتَقِلًّا بنَفْسِه، والعادَةُ التَّفْرِيقُ بين الأحرارِ، فإنَّ المَرْأةَ تُزَوِّجُ ابْنَتَها، ويُفَرَّقُ بينَ الحُرَّةِ ووَلَدِها إذا افْتَرَقَ الأبَوانِ.

فصل: وإذا اشْتَرَى مِمَّن فى مالِه حرامٌ وحلالٌ، كالسُّلْطانِ الظّالِمِ، والمُرَابِى؛ فإنْ عَلِمَ أنَّ المَبِيعَ مِن حلالِ مالِه، فهو حلالٌ، وإنْ [عَلِمَ أنَّه] (٤٧) حرامٌ، فهو حرامٌ، ولا يُقْبَلُ قولُ المُشْتَرِى عليه فى الحُكْمِ؛ لأنَّ الظّاهِرَ أنَّ ما فى يَدِ الإنسانِ مِلْكُه، فإنْ لم يَعْلَمْ مِن أيِّهما هو، كَرِهْناه؛ لاحْتِمالِ التَّحْرِيمِ فيه، ولم يَبْطُلِ البَيْعُ؛ لِإمكانِ الحلالِ، قَلَّ الحرامُ أو كَثُرَ. وهذا هو الشُّبْهَةُ، وبقَدْرِ قِلَّةِ الحرامِ وكَثْرَتِه، تَكُونُ كَثْرَةُ الشُّبْهَةِ وقِلَّتُها. قال أحمدُ: لا يُعْجِبُنِى أنْ يَأْكُلَ مِنه؛ لما رَوَى النُّعْمانُ بن بَشِيرٍ، أنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُما أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ، لَا يَعْلَمُها كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأ لِدِينِه وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فى الشُّبُهاتِ وَقَعَ فى الحَرَامِ، كالرَّاعِى حَوْلَ الْحِمَى، يُوشِكُ أنْ يَرْتَعَ فِيهِ. ألَا وَإنَّ (٤٨) لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، وَحِمَى اللهِ مَحَارِمُهُ". مُتَّفَقٌ عليه (٤٩). وهذا


(٤٤) سقط من: م.
(٤٥) أخرجه مسلم، فى: باب التنفيل وفداء المسلمين بالأسارى، من كتاب المغازى. صحيح مسلم ٣/ ١٣٧٥، ١٣٧٦. وأبو داود، فى: باب فى الرخصة فى المدركين. . .، من كتاب الجهاد. سنن أبى داود ٢/ ٥٨، ٥٩. وابن ماجه، فى: باب فداء الأسارى، من كتاب الجهاد. سنن ابن ماجه ٢/ ٩٤٩.
(٤٦) أخرجه البخارى، فى: باب ما جاء فى كتاب النبى إلى المقوقس. دلائل النبوة ٤/ ٣٩٥، ٣٩٦. وذكره الزيلعى، فى باب البيع الفاسد، من كتاب البيوع. نصب الراية ٤/ ٢٨، ٢٩.
(٤٧) فى الأصل: "علمه".
(٤٨) فى الأصل: "إن".
(٤٩) أخرجه البخارى، فى: باب فضل من استبرأ لدينه، من كتاب الإيمان، وفى: باب الحلال بين والحرام بين. . .، من كتاب البيوع. صحيح البخارى ١/ ٢٠، ٣/ ٦٩، ٧٠. ومسلم، فى: باب أخذ الحلال =

<<  <  ج: ص:  >  >>