للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النُّعْمانِ، وعُمَيْرُ بن أبي وَقَّاصٍ أخو سَعْدٍ، وهما صَغِيرَانِ، والحَدِيثُ عَامٌّ في الكُلِّ. وما ذَكَرَهُ يَبْطُلُ بالنِّساءِ.

٣٨٠ - مسألة؛ قال: (وَدُفِنَ في ثِيَابِه، وَإنْ كَانَ عَلَيْهِ شَىْءٌ مِنَ الْجُلُودِ والسِّلَاحِ نُحِّىَ عَنْهُ)

أمَّا دَفْنُه بِثِيَابِه، فلا نَعْلَمُ فيه خِلافًا، وهو ثابِتٌ بِقَوْلِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ادْفِنُوهُمْ بِثِيَابِهِمْ". ورَوَى أبو دَاوُدَ، وابنُ مَاجَه (١)، عن ابنِ عَبَّاسٍ، أنَّ رسولَ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أمَرَ بِقَتْلَى أُحُدٍ أَن يُنْزَعَ عنهم الحَدِيدُ والجُلُودُ، وأن يُدْفَنُوا في ثِيَابِهِم، بِدِمَائِهِم. وليس (٢) هذا بِحَتْمٍ، لكنَّه الأوْلَى. ولِلْوَلِىِّ أن يَنْزِعَ عنه ثِيابَه، ويُكَفِّنَه بغَيْرِها، وقال أبو حنيفةَ: لا يُنْزَعُ عنه شيءٌ؛ لِظَاهِرِ الخَبَرِ. ولَنا، ما رُوِىَ، أنَّ صَفِيَّةَ أرْسَلَتْ إلى النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ثَوْبَيْنِ، لِيُكَفِّنَ فيهما حَمْزَةَ، فَكَفَّنَه في أحَدِهما، وكفَّنَ في الآخَرِ رَجُلًا آخَرَ. رَوَاه يعقوبُ بن شَيْبَة (٣)، وقال: هو صالحُ الإِسْنَادِ. فدَلَّ على أنَّ الخِيَارَ لِلْوَلِىِّ. والحَدِيثُ الآخَرُ يُحْمَلُ على الإِباحةِ والاسْتِحْبابِ. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّه يُنْزَعُ عنه منِ لِباسِه ما لم يَكُنْ من عَامَّةِ لِبَاسِ النَّاسِ، من الجُلُودِ والفِراءِ والحَدِيدِ. قال أحمدُ: لا يُتْرَكُ عليه فَرْوٌ، ولا خُفٌّ، ولا جِلْدٌ. وبهذا قال الشَّافِعِىُّ، وأبو حنيفةَ. وقال مَالِكٌ: لا يُنْزَعُ عنه فَرْوٌ ولا خُفٌّ ولا مَحْشُوٌّ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ادْفِنُوهُمْ بِثِيَابِهِمْ". وهذا عَامٌّ في الكُلِّ، وما رَوَيْنَاهُ أخَصُّ، فكان أوْلَى.


(١) أخرجه أبو داود، في: باب في الشهيد يغسل، من كتاب الجنائز. سنن أبي داود ٢/ ١٧٤. وابن ماجه، في: باب ما جاء في الصلاة على الشهداء ودفنهم، من كتاب الجنائز. سنن ابن ماجه ١/ ٤٨٥. كما أخرجه الإِمام أحمد، في: المسند ١/ ٢٤٧.
(٢) في الأصل زيادة: "في".
(٣) وأخرجه البيهقي، في: باب الدليل على جواز التكفين في ثوب واحد، من كتاب الجنائز. السنن الكبرى ٣/ ٤٠١. وعبد الرزاق، في: باب الكفن، من كتاب الجنائز. المصنف ٣/ ٤٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>