للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتابُ عِشْرةِ النِّساءِ والخُلْعِ

قالَ اللَّهُ تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (١). وقال تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِى عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (٢). وقال أبو زيدٍ: يتَّقُونَ اللَّه فِيهِنَّ، كما عليهِنَّ أَنْ يتقينَ اللَّه فيهم. قال ابنُ عبَّاسٍ: إنِّى لأُحِبُّ أَنْ أتَزَيَّنَ للمرأةِ، كما أُحبُّ أَنْ تتَزَيَّنَ (٣) لى؛ لأنَّ اللَّه تعالى يقول: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِى عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}. وقال الضَّحَّاكُ فى تفسيرِها: إذا أطعْنَ اللَّهَ، وأطعنَ أزواجَهُنَّ، فعلَيْه أَنَّ يُحسِنَ صُحْبَتَهَا، ويكُفَّ عنها أذَاه، ويُنْفِقَ عليها من سَعَتِهِ. وقال بعضُ أهلِ العلمِ: التَّماثُلُ ههُنا فى تَأْديَةِ كلِّ واحدٍ منهما ما عليه مِن الحقِّ لصاحبِه بالمعروفِ، ولا يَمْطُلُه به، ولا يُظهِرُ الكَراهةَ، بل ببِشْرٍ وطَلَاقَةٍ، ولا يُتبِعُه أذًى ولا مِنَّةً؛ لقولِ اللَّهِ تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}. وهذا مِنَ المعروفِ. ويُستَحبُّ لكلِّ واحدٍ منهما تحْسِينُ الخُلُقِ مع صاحبِه، والرِّفْقُ به، واحتمالُ أذَاه؛ لقولِ اللَّه تعالى: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِى الْقُرْبَى} إلى قوله: {وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ} (٤) قيل: هو كلُّ واحدٍ مِنَ الزَّوجيْنِ. وقال النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اسْتَوْصُوا بالنِّسَاءِ خَيْرًا، فَإنَّهُنَّ عَوَانٍ (٥) عِنْدَكُمْ، أخَذْتُمُوهُنَّ بأَمَانَةِ اللَّهِ، واسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ". رَواه مسلمٌ (٦). وقال النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَّ الْمَرْأةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ أَعْوَجَ، لَنْ تَسْتَقِيمَ عَلَى طَرِيقَةٍ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا كَسَرْتَهَا، وَإِنْ


(١) سورة النساء ١٩.
(٢) سورة البقرة ٢٢٨.
(٣) فى ب، م: "تزين".
(٤) سورة النساء ٣٦.
(٥) عوان: أسرى، أو كالأسرى.
(٦) تقدم تخريجه من حديث جابر الطويل، فى: ٥/ ١٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>