للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَدُوُّ، لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَىْءٌ مِنَ الثَّمَنِ، وإنْ كَانَ قَدْ أُخِذَ مِنْهُ الثَّمَنُ، رُدَّ إلَيْهِ)

وجملَتُه أنَّ الأميرَ إذا باعَ من الْمَغْنَمِ شيئًا قبلَ قَسْمِهِ لمَصْلَحَةٍ، صَحَّ بيعُه، فإنْ عادَ الكُفَّارُ، فغَلَبُوا على المَبِيعِ، فأَخَذُوه من المُشْتَرِى فى دارِ الحَرْبِ، نَظَرْنا؛ فإنْ كان لتَفْريطٍ (٢) من المُشْتَرِى، مثل أنْ خَرَجَ به من العَسْكَرِ (٣)، ونحوِ ذلك، فضَمانُه عليه؛ لأنَّ ذَهابَه حَصَلَ بتَفْرِيطِهِ، فكانَ من ضَمانِه، كما لو أتْلَفَه، وإنْ حَصَلَ بغيرِ تَفْرِيطِه (٤)، ففيه (٥) رِوايتان؛ إحداهُما، يَنْفَسِخُ البيعُ، ويكونُ من ضَمانِ أهلِ الغَنِيمةِ، فإنْ كان الثَّمنُ لم يُؤْخَذْ من المُشْتَرِى، سَقَطَ عنه، وإنْ كان أُخِذَ منه، رُدَّ إليه؛ لأنَّ القَبْضَ لم يَكْمُلْ، لكَوْنِ المال فى دارِ الحرْبِ غيرَ مُحْرَزٍ، وكَوْنِه على خَطرٍ من العَدُوِّ، فأشْبَهَ الثَّمرَ الْمَبِيعَ على رُءوسِ الشَّجَرِ إذا تلِفَ قبلَ الجِذاذِ. والثانيةُ، هو من ضَمانِ المُشْتَرِى، وعليه ثمنُه. وهذا أكثَرُ الرِّواياتِ عن أحمد. واخْتارَهُ الخَلَّالُ، وأبو بكرٍ صاحِبُه. وهو مذهبُ الشافِعِىِّ؛ لأنَّه مالٌ مَقْبوضٌ، أُبِيحَ لمُشْتَرِيه، فكانَ ضَمانُه عليه، كما لو أُحْرِزَ إلى دارِ الإسلامِ، ولأَنَّ أخْذَ العَدُوِّ له تَلَفٌ، فلم يَضْمَنْه البائعُ، كسائِرِ أنْواعِ التَّلَفِ، ولأنَّ نَماءَه للمُشْتَرِى، فكان ضَمانُه عليه؛ لقولِ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الْخَرَاجُ بِالضَّمْانِ" (٦).

فصل: وإذا قُسِمَتِ الغنائِمُ فى دارِ الحَرْبِ، جازَ لمَنْ أخَذَ سَهْمَه التَّصَرُّفُ فيه، بالبَيْعِ وغيرِه. فإنْ باعَ بعضُهم بعضًا شيئًا منها، فغَلَبَ عليه العَدُوُّ، ففى ضَمانِ البائِعِ له وَجْهانِ؛ بناءً على الرِّوايتَيْن فى التى قبلَها. وإنْ اشْتراهُ مُشْتَرٍ من المُشْتَرِى، فكذلك، فإذا قلْنا: هو من ضَمانِ البائِعِ. رَجَعَ البائِعُ (٧) الثانى على البائعِ الأَوَّلِ، بما رَجَعَ به عليه.

فصل: قال أحمدُ، فى الرجُلِ يشْتَرِى الجارِيَةَ من المَغْنَمِ، عليها (٨) الحُلِىُّ فى عُنُقِها


(٢) فى أ، ب: "التفريط".
(٣) فى م: "المعسكر".
(٤) فى ب، م: "تفريط".
(٥) فى م: "فيه".
(٦) تقدم تخريجه فى: ٦/ ٢٣.
(٧) سقط من: أ، ب.
(٨) فى الأصل، م: "معها".

<<  <  ج: ص:  >  >>