للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَتَضَرَّرُ، ومتى كان بغيرِ ذلك، لم يَرْجِعْ إليه شيءٌ، فيكونُ الأخْذُ منه إضْرَارًا به، والضَّرَرُ لا يُزالُ بالضَّرَرِ. ولَنا، أنَّه تَعَذَّرَ على الشَّفِيعِ أخْذُ الجَمِيعِ، وقَدَرَ على أخْذِ البعضِ، فكان له بالحِصَّةِ من الثَّمَنِ، كما لو تَلِفَ بفِعْلِ آدَمِىٍّ سِوَاهُ، أو كما لو كان له شَفِيعٌ آخَرُ، أو نقولُ: أخَذَ بعضَ ما دَخَلَ معه في العَقْدِ، فأخَذَه بالحِصَّةِ، كما لو كان معه سَيْفٌ. وأمَّا الضَّرَرُ فإنَّما حَصَلَ بالتَّلَفِ، ولا صُنْعَ للشَّفِيعِ فيه، والذي يأْخُذُه الشَّفِيعُ يُؤَدِّى ثمَنَه، فلا يَتَضَرَّرُ المُشْتَرِى بأخْذِه. وإنَّما قلنا: يَأْخُذُ الأنْقاضَ (١٢) وإن كانتْ مُنْفَصِلَةً؛ لأنَّ اسْتِحْقاقَهُ للشُّفْعةِ كان حالَ عَقْدِ البَيْعِ، وفى تلك الحالِ كان مُتَّصِلًا اتِّصالًا ليس مآلُه إلى الانْفِصالِ، وانْفِصَالُه بعدَ ذلك لا يُسْقِطُ حَقَّ الشُّفْعةِ. ويُفارِقُ الثَّمرَةَ غيرَ المُؤَبَّرةِ إذا تَأَبَّرتْ، فإنَّ مآلَها إلى الانْفِصالِ والظُّهُورِ، فإذا ظَهَرَتْ فقد انْفَصَلَتْ، فلم تَدْخُلْ في الشُّفْعةِ. وإن نَقَصَتِ القِيمَةُ مع بَقَاءِ صُورَةِ المَبِيعِ، مثل أن انْشَقَّ الحائِطُ، واسْتَهْدَمَ البِنَاءُ، وشَعِثَ الشَّجَرُ، وبارَتِ الأرْضُ، فليس له إلَّا الأخْذُ بجَمِيعِ الثمَنِ أو التَّرْكُ؛ لأنَّ هذه المُعَافَى لا يُقَابِلُها الثَّمَنُ، بخِلَافِ الأعْيانِ، ولهذا قُلْنا: لو بَنَى المُشْتَرِى، أعْطاهُ الشَّفِيعُ قِيمَةَ بِنَائِه، ولو زادَ المَبِيعُ زِيادةً مُتَّصِلةً، دَخَلَتْ في الشُّفْعةِ.

٨٧٨ - مسألة؛ قال: (وَإِنْ كَانَ الشِّراءُ وَقَعَ بِعَيْنٍ، أو وَرِقٍ، أعْطاهُ الشَّفِيعُ مِثْلَ ذلِكَ، وَإنْ كَانَ عَرْضًا، أعْطَاهُ [قِيمَتَهُ)

وجملتُه أنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُ الشِّقْصَ من المُشْتَرِى] (١) بالثَّمَنِ الذي اسْتَقَرَّ عليه العَقْدُ؛ لما رُوِىَ في حَدِيثِ جابِرٍ، أنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "هو أحَقُّ بالثَّمَنِ" (٢). رَوَاه أبو إسحاقَ


(١٢) في الأصل: "الأبعاض".
(١) سقط من: الأصل.
(٢) في الأصل، ب: "به". وانظر ما تقدم من التخريج في صفحة ٤٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>