للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَلْزَمْه تَسْلِيمُها إلَّا فى زَمَنِ اسْتِيفائِها، كما لو أجَرَها للخِدْمةِ، لم يَلْزَمْه تَسْلِيمُها إلَّا فى زَمَنِها وهو النهارُ، والنفقةُ بينهما على قَدْرِ إقامَتِها عندَهما. وإن تَبَرّعَ السَّيِّدُ بإرْسالِها ليلًا ونهارًا، فالنفقةُ كلُّها على الزَّوْجِ. وإن تَبَرّعَ الزَّوْجُ بتَرْكِها عند السَّيِّد لَيْلًا ونهارًا، لم تَسْقُطْ نَفَقَتُها عنه. ولو تَبَرّعَ كلُّ واحدٍ منهما بتَرْكِها عندَ الآخرِ، وتَدَافَعاها، كانت نَفَقَتُها كلها على الزَّوْجِ؛ لأنَّ الزَّوْجِيّةَ تَقْتَضِى [وُجوبَ النَّفقةِ] (٥)، ما لم يَمْنَعْ من اسْتِمْتاعِها، عُدْوانًا أو بشَرْطٍ أو نحوه، ولذلك تَجِبْ نَفَقَتُها مع تَعَذُّرِ اسْتِمْتاعِها بمَرَضٍ أو حَيْضٍ أو نحوهما، فإذا لم يَكُنْ من السَّيِّد ههُنا مَنْعٌ [وَجَبتِ النَّفَقةُ] (٦) على الزَّوْجِ؛ لوُجُودِ الزَّوْجِيَّةِ المُقْتَضِيةِ لها، وعدمِ المانعِ منها.

فصل: فإن أرادَ الزوجُ السَّفَرَ بها، لم يَمْلِكْ ذلك؛ لأنَّه يُفَوِّتُ خِدْمَتَها المُسْتَحَقَّةَ لسَيِّدِها. وإن أراد السَّيِّدُ السَّفَرَ بها، فقد تَوَقّفَ أحمدُ عن ذلك، وقال: ما أَدْرِى. فيَحْتَمِلُ المَنْعَ منه؛ لأنَّه يُفَوِّتُ حَقَّ الزَّوْجِ منها، فمُنِعَ منه، قِياسًا على ما لو مَنَعَه منه مع الإقامةِ، ولأنَّه مالِكٌ لإِحْدَى مَنْفَعَتَيْها، فلم يَمْلِكْ مَنْعَ الآخَرِ من السَّفَرِ بها، كالسَّيِّدِ، وكما لو أجَرَها (٧) ثم أراد السَّفَرَ بها. ويَحْتَمِلُ أَنَّ له السَّفَرَ بها؛ لأنَّه مالكُ رَقَبَتِها، كسَيِّدِ العبدِ إذا زَوَّجَه. وإن شَرَطَ الزَّوْجُ أن تُسَلَّمَ إليه الأمَةُ ليلًا ونَهارًا، جاز، وعليه نَفَقَتُها كلُّها، وليس للسَّيِّدِ السَّفَرُ بها؛ لأنَّه لا حَقَّ له فى نَفْعِها (٨).

فصل: ويُسْتَحَبُّ لمن أراد التَّزَوُّجَ، أن يَخْتارَ ذاتَ الدِّينِ؛ لقولِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِمَالِهَا، ولِحَسَبِهَا، ولِجَمَالِهَا، ولِدِينِها، فَاظْفَرْ بذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ". مُتَّفَقٌ عليه (٩). ويختارُ البِكْرَ؛ لقولِ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أتَزَوَّجْتَ يَا


(٥) فى ب، م: "وجوبها".
(٦) فى م: "فالنفقة".
(٧) فى م: "أجراها".
(٨) فى ب، م: "بضعها".
(٩) أخرجه البخارى، فى: باب الأكفاء فى الدين. . .، من كتاب النكاح. صحيح البخارى ٧/ ٩. ومسلم، فى: باب استحباب نكاح ذات الدين، من كتاب الرضاع. صحيح مسلم ٢/ ١٠٨٦، ١٠٨٧.=

<<  <  ج: ص:  >  >>