فصل: ولا فَرْقَ بين كَوْنِ الفَرْجِ قُبُلًا أو دُبُرًا، من ذَكَرٍ أو أُنْثَى. وبه قال الشَّافِعِىُّ. وقال أبو حنيفةَ، فى أشْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ عنه: لا كَفَّارَةَ فى الوَطْءِ فى الدُّبُرِ؛ لأنَّه لا يَحْصُلُ به الإِحْلالُ ولا الإِحْصانُ، فلا يُوجِبُ الكَفَّارَةَ، كالوَطْء دُونَ الفَرْجِ. ولَنا، أنَّه أفْسَدَ صَوْمَ رمضانَ بِجِمَاعٍ فى الفَرْجِ، فأوْجَبَ الكَفَّارَةَ، كالوَطْءِ، وأمَّا الوَطْءُ دُونَ الفَرْجِ، فلَنَا فيه مَنْعٌ، وإن سَلَّمْنَا، فلأنَّ الجِماعَ دُونَ الفَرْجِ لا يُفْسِدُ الصَّوْمَ بمُجَرَّدِه؛ بِخِلَافِ الوَطْءِ فى الدُّبُرِ.
فصل: فأمَّا الوَطْءُ فى فَرْجِ البَهِيمَةِ. فذَكَرَ القاضى، أنَّه مُوجِبٌ لِلْكَفَّارَةِ؛ لأنَّه وَطْءٌ فى فَرْجٍ مُوجِبٍ لِلْغُسْلِ، مُفْسِدٍ لِلصَّوْمِ، فأشْبَهَ وَطْءَ الآدَمِيَّةِ. وفيه وَجْهٌ آخَرُ، لا تَجِبُ به الكَفَّارَةُ. وذكَرَه أبو الخَطَّابِ؛ لأنَّه لا نَصَّ فيه، ولا هو فى مَعْنَى المَنْصُوصِ عليه، فإنَّه مُخَالِفٌ لِوَطْءِ الآدَمِيَّةِ فى إيجَابِ الحَدِّ على إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وفى كَثِيرٍ من أحْكَامِه. ولا فَرْقَ بين كَوْنِ المَوْطُوءَةِ زَوْجَةً أو أَجنَبِيَّةً، أو كَبِيرَةً أو صَغِيرَةً؛ لأنَّه إذا وَجَبَ بِوَطْءِ الزَّوْجَةِ، فبِوَطْءِ الأَجْنَبِيَّةِ أَوْلَى.
فصل: ويَفْسُدُ صَوْمُ المَرْأَةِ بالجِمَاعِ، بغيرِ خِلافٍ نَعْلَمُه فى المذهبِ؛ لأنَّه نَوْعٌ من المُفْطِرَاتِ، فاسْتَوَى فيه الرَّجُلُ والمَرْأةُ، كالأكْلِ، وهل يَلْزَمُها الكَفَّارَةُ؟ على رِوَايَتَيْنِ؛ إحْداهما، يَلْزَمُها. وهو اخْتِيَارُ أبى بكرٍ، وقَوْلُ مالِكٍ، وأبى حنيفةَ، وأبى ثَوْرٍ، وابنِ المُنْذِرِ. ولأنَّها هَتَكَتْ صَوْمَ رمضانَ بالجِماعِ، فوَجَبَتْ عليها الكَفَّارَةُ كالرَّجُلِ. والثانية، لا كَفَّارَةَ عليها. قال أبو دَاوُدَ: سُئِلَ أحمدُ عن مَن أتَى أهْلَهُ فى رمضانَ، أعليها كَفَّارَةٌ؟ قال: ما سَمِعْنَا أنَّ على امْرَأَةٍ كَفَّارَةً. وهذا قولُ الحسنِ، وللشَّافِعِىِّ قَوْلَانِ كَالرِّوَايَتَيْنِ. ووَجْهُ ذلك، أن النَّبِىَّ