للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرِّوايتينِ عن أبِى حنيفةَ. والثانية، أَنَّ كلَّ مَنْ يَرِثُ بفَرْضٍ أو تَعْصِيبٍ يَلِى؛ لأنَّه من أهلِ مِيراثِها، فوَلِيَها كعَصَباتِها. ولَنا، ما رُوِىَ عن علىٍّ، أنَّه قال: إذا بَلَغَ النِّساءُ نَصَّ الْحَقائقِ (٢)، فالعَصَبةُ أَوْلَى (٣). إذا أدْرَكْنَ. رواه أبو عُبَيدٍ، فى "الغَرِيبِ" (٤). ولأنَّه ليس من عَصَباتِها فأشْبَه الأجْنَبِىَّ.

١١٠٦ - مسألة؛ قال: (ثُمَّ الْمَوْلَى الْمُنْعِمُ، ثُمَّ أَقْرَبُ عَصَبَتِهِ بِهِ)

لا خلافَ نعلمُه فى أَنَّ المرأةَ إذا لم يكُنْ لها عَصَبةٌ من نَسَبِها، أنَّ مَوْلاها يُزَوِّجُها، ولا فى أَنَّ العَصَبةَ (١) الْمُناسِبَ أوْلَى منه، وذلك لأنَّه عَصَبةُ مَوْلاتِه، يَرِثُها ويَعْقِلُ عنها عندَ عَدَمِ عصباتِها، فلذلك يُزَوِّجُها، وقُدِّمَ عليه الْمُناسِبُون كما قُدِّمُوا عليه فى الإرْثِ والعَقْلِ. فإنْ عُدِمَ المَولى، أو لم يكُنْ من أهْلِ الوِلايةِ، كالمرأةِ والطِّفْلِ والكافِرِ، فعَصَباتُه الأقْرَبُ منهم فالأقْرَبُ، على ترتيبِ المِيراثِ، ثم مَوْلَى المَوْلَى، ثم عَصَباتُه من بعدِه، كالمِيراثِ سَواءً. فإن اجتمعَ ابنُ المُعْتِقِ وأبوه، فالابنُ أوْلى؛ لأنَّه أحَقُّ بالمِيراثِ وأقْوَى فى التَّعْصيبِ، وإنَّما قُدِّمَ الأبُ المُناسِبُ على الابنِ المُناسبِ لِزِيادةِ شَفَقتِه وفَضِيلةِ وِلادَتِه، وهذا معدومٌ فى أبِى المُعْتِقِ، فرُجِعَ به إلى الأصْلِ.

١١٠٧ - مسألة؛ قال: (ثُمَّ السُّلْطَانُ)

لا نعلمُ خلافاً بين أهلِ العلمِ، فى أَنَّ للسُّلطانِ وِلايةَ تَزْوِيج المرأةِ عندَ عَدَمِ أوْلِيائِها أو عَضْلِهِم. وبه يقول مالكٌ، والشافعىُّ، وإسحاقُ، وأبو عُبَيْدٍ، وأصحابُ الرَّأْى.


(٢) فى أ: "الحقاق". وهما روايتان. وأصل النص: منتهى الأشياء ومبلغ أقصاها. والحقاق، هو المحاقة، أن تحاقّ الأم العصبة فيهن، فتقول: أنا أحق. ويقولون: نحن أحق. غريب الحديث ٣/ ٤٥٧، ٤٥٨. وفى حاشية أ: "نص، بفتح النون وتشديد الصاد. قال ابن المبارك: معناه إذا بلغت من سنها المبلغ الذى يصلح أن يخاصم وتخاصم، فالعصبة أولى من أمها، والحاق مصدر المحاقة".
(٣) فى ب زيادة: "يعنى".
(٤) غرب الحديث ٣/ ٤٥٦، ٤٥٧.
(١) فى ب، م: "عصبة".

<<  <  ج: ص:  >  >>