للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإسحاقَ، وأصْحَابِ الرَّأْىِ. وقال الحَكَمُ، والثَّوْرِىُّ، وأبو ثَوْرٍ: لا بَأْسَ بِأكْلِه. قال ابنُ المُنْذِرِ: وهو بِمَنْزِلَةِ ذَبِيحَةِ السَّارِقِ. وقال عَمْرُو بن دِينَارٍ، وأيُّوبُ السَّخْتِيَانِىُّ: يَأْكُلُه الْحَلالُ. وحُكِىَ عن الشَّافِعِىِّ قَوْلٌ قَدِيمٌ، أنَّه يَحِلُّ لِغَيْرِه الأَكْلُ منه؛ لأنَّ من أباحَتْ ذَكَاتُه غيرَ الصَّيْدِ أبَاحَتِ الصَّيْدَ، كالْحَلالِ. ولَنا، أنَّه حَيَوانٌ حُرِّمَ عليه ذَبْحُهُ لِحَقِّ اللهِ تَعَالى، فلم يَحلَّ بِذَبْحِه كالمَجُوسِىِّ، وبهذا فارَقَ سَائِرَ الحَيَوانَاتِ، وفارَقَ غيرَ الصَّيْدِ، فإنَّه لا يَحْرُمُ ذَبْحُه، وكذلك الحُكْمُ فى صَيْدِ الحَرَمِ إذا ذَبَحَهُ الْحَلالُ.

فصل: إذا اضْطُرَّ المُحْرِمُ، فوَجَدَ صَيْدًا ومَيْتَةً، أكَلَ المَيْتَةَ. وبهذا قال الحسنُ، والثَّوْرِىُّ، ومَالِكٌ. وقال الشَّافِعِىُّ، وإسحاقُ، وابنُ المُنْذِرِ: يَأْكُلُ الصَّيْدَ. وهذه المَسْألَةُ مَبْنِيَّةٌ على أنَّه إذا ذُبِحَ الصَّيْدُ كان مَيْتَةً، فيُسَاوِى المَيْتَةَ فى التَّحْرِيمِ، ويَمْتَازُ بإيجَابِ الجَزَاءِ، وما يَتَعَلَّقُ به من هَتْكِ حُرْمَةِ الإحْرامِ، فلذلك كان أكْلُ المَيْتَةِ أَوْلَى، إلَّا أن لا تَطِيبَ نَفْسُه بِأكْلِها، فيَأْكُلُ الصَّيْدَ، كما لو لم يَجِدْ غَيْرَه.

٥٨٠ - مسألة؛ قال: (وَلَا يَتَطَيَّبُ المُحْرِمُ)

أجْمَعَ أهْلُ العِلْمِ على أنَّ المُحْرِمَ مَمْنُوعٌ من الطِّيبِ. وقد قال النَّبِىُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فى (١) المُحْرِمِ الذى وَقَصَتْهُ رَاحِلَتُه (٢): "لَا تَمَسُّوهُ بِطِيبٍ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ (٣). وفى لَفْظٍ: "لا تُحَنِّطُوهُ". مُتَّفَقٌ عليه (٣). فلمَّا مُنِعَ المَيِّتُ من الطِّيبِ لإِحْرَامِهِ، فالحَىُّ أوْلَى. ومتى تَطَيَّبَ، فعليه الفِدْيَةُ؛ لأنَّه اسْتَعْمَلَ ما حَرَّمَهُ الإِحْرامُ، فوَجَبَتْ عليه الفِدْيَةُ، كاللِّبَاسِ. ومَعْنَى الطِّيبِ: ما تَطيبُ رَائِحَتُه، ويُتَّخَذُ


(١) فى م: "أن" خطأ.
(٢) وقصته راحلته: رمت به فدقت عنقه.
(٣) تقدم تخريجه فى: ٣/ ٣٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>