للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقارِبَه كلَّهُم، وفيهم الأغنياءُ، كالعباس وغيرِه، ولم يُنْقَلْ تَخْصِيصُ الفُقَراءِ منهم، وقد رَوَى الإِمامُ أحمدُ، فى "مُسْنَدِه" (٢٠)، أَنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَعْطَى الزُّبَيْرَ سَهْمًا، وأُمَّه سَهْمًا، وفرَسَهُ سَهْمينِ. وإنَّما أعْطَى أُمَّه من سَهْمِ ذِى القُرْبَى، وقد كانت مُوسِرَةً، ولها [مَوَالٍ ومالٌ] (٢١)، ولأنَّه مالٌ مُسْتَحَقٌّ بالقَرابةِ، فاسْتَوَى فيه الغَنِىُّ والفقيرُ، كالمِيراثِ والوَصِيَّةِ للأقارِبِ، ولأنَّ عثمانَ وجُبَيْرًا طَلَبا حَقَّهُما منه، وسأَلَا عن عِلّةِ مَنْعِهِما ومَنْعِ قرابَتِهِما، وهما مُوسِرانِ، فعَلَّلَه النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بنُصْرَةِ بنى المُطَّلِبِ دُونَهم، وكَوْنِهِم مع بنى هاشمٍ كالشَّىْءِ الواحدِ، ولو كان اليَسَارُ مانِعًا والفَقْرُ شَرْطًا، لم يَطْلُبا مع عَدَمِه، ولعَلَّلَ النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- مَنْعَهُما بيَسارِهِما وانْتِفاءِ فَقْرِهِما.

١٠٨٠ - مسألة؛ قال: (والْخمْسُ الثَّالِثُ لِلْيَتامَى)

وهم الذين لا آباءَ لهم، ولم يَبْلُغُوا الحُلُمَ، فإنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لَا يُتْمَ بَعْدَ احْتِلَامٍ" (١). قال بعضُ أصحابِنا: لا يَسْتَحِقُّون إلَّا مع الفَقْرِ. وهو المشهورُ من مذهبِ الشَّافعىِّ؛ لأنَّ ذا الأبِ لا يَسْتَحِقُّ، والمالُ أَنْفَعُ من وُجودِ الأبِ، ولأنَّه صُرِفَ إليهم لحاجَتِهِم، فإنَّ اسْمَ اليُتْمِ يُطْلَقُ عليهمِ فى العُرْفِ للرَّحْمةِ، ومَنْ كان إعطاؤُه لذلك اعْتُبِرَتِ الحاجةُ فيه، وفارقَ ذَوِى القُرْبَى، فإنَّهم اسْتَحَقُّوا لِقُرْبهِم مِن رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- تَكْرِمَةً لهم، والغنىُّ والفقيرُ فى القُرْبِ سَواءٌ، فاسْتَوَيا فى الاسْتِحْقاقِ. ولم أعلمْ هذا نَصًّا


(٢٠) فى: المسند ١/ ١٦٦.
كما أخرجه النسائى، فى: باب سهمان الخيل، من كتاب الخيل. المجتبى ٦/ ١٩٠. والدارقطنى، فى: كتاب السير. سنن الدارقطنى ٤/ ١١٠، ١١١، والبيهقى، فى: باب ما جاء فى سهم الراجل والفارس، من كتاب قسم الفىء والغنيمة. السنن الكبرى ٦/ ٣٢٦.
(٢١) فى أ: "أموال".
(١) أخرجه أبو داود، فى: باب ما جاء متى ينقطع اليتم، من كتاب الوصايا. سنن أبى داود ٢/ ١٠٤. والإِمام أحمد، فى: المسند ١/ ٢٩٤، والبيهقى، فى: باب الطلاق قبل النكاح، من كتاب الخلع والطلاق. السنن الكبرى ٧/ ٣٢٠. وعبد الرزاق، فى: باب لا رضاع بعد الفطام، من كتاب الطلاق. المصنف ٧/ ٤٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>