للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحدةٍ، ثم ذكَرَ التى طَلَّقَ، فقال: هذه. تَرْجِعُ إليه، والتى ذكَرَ أنَّه طَلَّقَ يَقَعُ الطَّلاقُ عليها، فإن تَزَوَّجَتْ، فهذا شىءٌ قد مَرَّ، فإن كان الحاكمُ أقْرَعَ بينَهُنَّ، فلا أُحِبُّ أَنْ تَرْجِعَ إليه؛ لأنَّ الحاكِمَ فى ذلك أكْبَرُ منه. وقال أبو بكرٍ، وابنُ حامدٍ: متى أقْرَعَ، ثم قال بعدَ ذلك: إنَّ المُطَلَّقَةَ غيرُها. وقَعَ الطَّلاقُ بهما جميعًا، ولا تَرْجِعُ إليه واحدةٌ منهما؛ إلَّا (١٨) أَنَّ التى عَينَّهَا بالطَّلاقِ تَحْرُمُ بقولِه، وتَرِثُه إنْ ماتَ، ولَا يَرِثُها. ويَجىءُ على قِياس قولِهما، أن تَلْزَمَه نَفَقَتُها، ولا يَحِلَّ وَطْؤُها.

فصل: فإن قال: هذه المُطَلَّقَةُ. قُبِلَ منه. وإن قال: هذه المُطلَّقةُ، بل هذه. طَلُقَتا؛ لأنَّه أقرَّ بطلاقِ الأُولَى، فقُبِلَ إقْرارُه، ثم قُبِل إقرارُه بطلاقِ الثّانيةِ، ولم يُقْبَلْ رُجُوعُه عمَّا أقرَّ به مِن طلاقِ الأُولَى. وكذلك لو كُنَّ ثلاثًا، فقال: هذه، بل هذه، [بل هذه] (١٩). طَلُقْنَ كلُّهُنَّ، وإِنْ قال: هذه، أو هذه، بل هذه. طَلُقَتِ الثالثةُ (٢٠) وإحدى الأُولَيَيْنِ. وإن قال: طَلَّقْتُ هذه، بل هذه أو هذه. طَلُقَتِ الأُولَى، وإحْدى الآخِرَتَيْنِ. وإن قال: أنتِ طالقٌ، وهذه أو هذه. فقال القاضى: هى كذلك. وذَكَرَ أنَّه قولُ الْكِسائِىِّ (٢١). وقال محمدُ بنُ الحسنِ: تَطْلُقُ الثَّانيةُ، ويَبْقَى الشَّكُّ فى الأُولَى والثَّالثةِ. وَجْهُ الأوَّلَ أنَّه عطَفَ الثَّانيةَ على الأُولَى، بغيرِ شكٍّ، ثم فَصَلَ بينَ الثَّانيةِ والثَّالثةِ بِحَرْفِ الشَّكِّ، فيَكُونُ الشَّكُّ فيهما. ولو قال: طَلَّقْتُ هذه أو هذه وهذه. طَلُقَتِ الثَّالثةُ، وكان الشَّكُّ فى الأُولَيَيْنِ. ويَحْتَمِلُ فى هاتَيْنِ المسألتَيْنِ أن يَكُونَ الشَّكُّ فى الجميعِ؛ لأنَّه فى الأُولَى أتَى بحَرْفِ الشَّكِّ بعدَهما، فيَعُودُ إليهما، وفى المسألةِ الثَّانيةِ عَطَفَ الثَّالثةَ على الشّكِّ. فعلى هذا إذا قال: طَلَّقْتُ هذه وهذه أو هذه. طُولِبَ


(١٨) فى م: "لا".
(١٩) سقط من: الأصل، م.
(٢٠) فى ب، م: "الثانية".
(٢١) أبو على الحسن بن على بن حمزة الكسائى النحوى، أحد القراء السبعة، توفى سنة تسع وثمانين ومائة. تاريخ العلماء النحويين ١٩٠ - ١٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>