للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّحَابَةِ، قال أحمدُ: أكْثَرُ أصْحَابِ رَسُولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يقولون: إذا خَلَتْ بالماءِ فلا يَتَوَضَّأُ منه. فأمَّا حَدِيثُ مَيْمُونَةَ فقد قال أحمد: أَنْفِيهِ؛ لِحَالِ سِمَاكٍ (١٢)، لَيْسَ أحَدٌ يَرْوِيهِ غَيْرُه. وقال: هذا فيه اخْتِلَافٌ شَدِيدٌ، بَعْضُهُم يَرْفَعُهُ، وبَعْضُهم لا يَرْفَعُهُ. ولأنَّهُ يَحْتَمِلُ أنَّهَا لم تَخْلُ به، فَيُحْمَلُ عليه، جَمْعًا بين الخَبَرَيْنِ.

فصل: واخْتَلَفَ أصحابُنا في تفسيرِ الخَلْوَةِ به، فقال الشَّريفُ أبو جعفر قولًا يدلُّ على أنَّ الخَلْوَةَ هي أن لا يَحْضُرَها مَن لا تَحْصُلُ الخَلْوَةُ في النِّكَاحِ بحُضُورِهِ، سواءٌ كان رَجُلًا، أو امْرَأةً، أو صبِيًّا عاقِلًا؛ لأنَّها إحْدَى الخَلْوَتَيْنِ، فنافاها حُضُورُ أَحَدِ هؤلاءِ كالأُخْرَى. وقال القاضِى: هي أنْ لا يُشَاهِدَها رَجُلٌ مُسْلِمٌ، فإنْ شاهَدَهَا صَبِىٌّ أوْ امْرَأةٌ أو رَجُلٌ كافِرٌ، لم تَخْرُجْ بحُضُورِهِمْ عَن الخَلْوَة. وذَهَبَ بَعْضُ الأصْحابِ إلى أنَّ الخَلْوَةَ اسْتِعْمالُها للماءِ مِنْ غَيْرِ مُشَارَكَةِ الرَّجُلِ في اسْتِعْمَالِه؛ لأنَّ أحمدَ قال: إذا خَلَتْ به فَلَا يُعْجِبُنِى أنْ يَغْتَسِل هو به. وإذا شَرَعَا فيه جَمِيعًا فلا بَأْسَ بهِ؛ وذلك (١٣) لِقولِ عبدِ اللهِ بنِ سَرْجِسَ: اغْتَسِلَا جَمِيعًا؛ هو هكذا، وأنْتِ هكذا - قال عبدُ الواحد (١٤) في إشَارَتِه: كان الإِناءُ بينهما - وإذا خَلَتْ به فلا تَقْرَبَنَّهُ. رَوَاهُ الأَثْرَمُ. وقد كانتْ عَائِشَةُ تَغْتَسِلُ هي ورَسُولُ اللهِ مِنْ إنَاءٍ واحِدٍ، يَغْتَرِفَانِ منه جميعًا. مُتَّفَقٌ عليه (١٥)، فيُخَصُّ بهذا عُمُومُ النَّهْىِ، وبَقِينا فيما عداهُ على العُمُومِ.


(١٢) هو أبو المغيرة سماك بن حرب بن أوس الذهلى الكوفى، المتوفى سنة ثلاث وعشرين ومائة. انظر أقوال الأئمة فيه، في ترجمته في تهذيب التهذيب ٤/ ٢٣٢ - ٢٣٤.
(١٣) سقط من: م.
(١٤) لعله يعني عبد الواحد بن زياد العبدى مولاهم البصري، وهو يروى عن عاصم الأحول، عن عبد اللَّه بن سرجس، وكانت وفاته سنة ست وثمانين ومائة، أو سنة سبع. انظر: تذكر الحفاظ ١/ ٢٥٨.
(١٥) أخرجه البخاري، في باب غسل الرجل مع امرأته، وباب هل يدخل الجنب يده في الإناء قبل أن يغسلها إذا لم يكن على يده قذر غير الجنابة، من كتاب الغسل، وفى: باب مباشرة الحائض، من كتاب الحيض، وفى باب ما وَطِىءَ من التصاوير، من كتاب اللباس. صحيح البخاري ١/ ٧٢، ٧٤، ٨٢، ٧/ ٢١٦. ومسلم، في: باب القدر المستحب من الماء في غسل الجنابة، وغسل الرجل والمرأة في إناء واحد إلخ، من كتاب الحيض. صحيح مسلم ١/ ٢٥٥. وأبو داود، في: باب الوضوء بفضل المرأة، وباب قدر الماء الذي يجزئ في الغسل، من كتاب =

<<  <  ج: ص:  >  >>