للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِطْرَتُه على من مَانَه آخِرَ لَيْلَةٍ، وعلى قولِ غيرِه يَحْتَمِلُ أنْ لا تَجِبَ فِطْرَتُه على أحَدٍ مِمَّنْ مَانَه؛ لأنَّ سَبَبَ الوُجُوبِ المُؤْنَةُ فى جَمِيعِ الشَّهْرِ ولم يُوجَدْ. ويَحْتَمِلُ أن تَجِبَ على الجَمِيعِ فِطْرَةٌ واحِدَةٌ بالحِصَصِ؛ لأنَّهم اشْتَرَكُوا فى سَبَبِ الوُجُوبِ، فأشْبَه ما لو اشْتَرَكُوا فى مِلْكِ عَبْدٍ.

٤٧٦ - مسألة؛ قال: (إذَا كَانَ عِنْدَهُ فَضْلٌ عَنْ قُوتِ يَوْمِه ولَيْلَتِهِ)

وجُمْلَةُ ذلك أنَّ صَدَقَةَ الفِطْرِ واجِبَةٌ على مَن قَدَرَ عليها، ولا يُعْتَبَرُ فى وُجُوبِها نِصابٌ. وبهذا قال أبو هُرَيْرَةَ، وأبو العَالِيَةِ، والشَّعْبِىُّ، وعَطاءٌ، وابنُ سِيرِينَ، والزُّهْرِىُّ، ومالِكٌ، وابنُ المُبَارَكِ، والشَّافِعِىُّ، وأبو ثَوْرٍ. وقال أصْحابُ الرأىِ: لا تَجِبُ إلَّا على من يَمْلِكْ (١) مائتَىْ دِرْهَمٍ، أو ما قِيمَتُه نِصَابٌ فاضِلًا (٢) عن مَسْكَنِه؛ لِقَوْلِ رسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لا صَدَقَةَ إلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى" (٣). والفَقِيرُ لا غِنَى له، فلا تَجِبُ عليه، ولأنَّه تَحِلُّ له الصَّدَقَةُ، فلا تَجِبُ عليه، كمَنْ لا يَقْدِرُ عليها. ولَنا، ما رَوَى ثَعْلَبَةُ بنُ أبِى صُعَيْرٍ، عن أبِيهِ، أنَّ رسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "أَدُّوا صَدَقَةَ الفِطْرِ صَاعًا من قَمْحٍ" أو قال: "بُرٍّ، عَنْ كلِّ إنْسَانٍ، صَغِيرٍ أو كَبِيرٍ، حُرٍّ أو مَمْلُوكٍ، غَنِىٍّ أو فقِيرٍ، ذَكَرٍ أو أُنْثَى، أمَّا غَنِيُّكُم فَيُزَكِّيه اللهُ، وأمَّا فَقِيرُكُم فيَرُدُّ اللهُ عَلَيْهِ أكْثَرَ ممَّا أعْطَى" (٤). وفى رِوَايَةِ أبى دَاوُدَ (٥): "صاعٌ مِنْ بُرٍّ أو قَمْحٍ عَنْ كُلِّ اثْنَيْنِ". ولأنَّه حَقُّ مالٍ لا يَزِيدُ بِزِيَادَةِ المالِ، فلا يُعْتَبَرُ وُجُوبُ النِّصابِ فيه. كالكَفَّارَةِ، ولا يَمْتَنِعُ أن يُؤْخَذَ منه ويُعْطَى،


(١) فى الأصل: "ملك".
(٢) فى أ، ب، م: "فاضل".
(٣) تقدم تخريجه فى صفحة ١٥٠.
(٤) تقدم تخريجه فى صفحة ٢٨٧.
(٥) أخرجها فى: باب من روى نصف صاع من قمح، من كتاب الزكاة. سنن أبى داود ١/ ٣٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>