للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البيانِ، لم يَصْلُحْ حُكْمُه. وممَّن رأَى الإصْلاحَ بين الخَصْمَيْنِ، شُرَيْحٌ، وعبدُ اللهِ بنُ عُتْبةَ، وأبو حنيفةَ، والشَّعْبيُّ، والعَنْبَرِيُّ. ورُوِيَ عن عمرَ، أنَّه قال: رُدُّوا الخُصومَ حتى يَصْطَلِحُوا، فإنَّ فَصْلَ القَضاءِ يُحْدِثُ بين القَوْمِ الضَّغائنَ (٢٢). قال أبو عُبَيْدٍ: إنَّما يَسَعُه الصُّلْحُ في الأمورِ المُشْكِلةِ، أمَّا إذا اسْتنارتِ الحُجَّةُ لأحَدِ الخَصْمَيْنِ، وتبَيَّنَ له مَوْضِعُ الظالمِ، فليس له أن يَحْمِلَهُما على الصُّلحِ. ونحوُه قولُ عَطاءٍ. واسْتَحْسَنَه ابنُ المُنْذِرِ. ورُوِيَ (٢٣) عن شُريحٍ أنَّه ما أصْلحَ بين مُتحاكِمَيْنِ إلَّا مَرَّةً واحدةً.

فصل: وإذا حدَثَتْ حادثةٌ، نَظَرَ في كتابِ اللهِ، فإنْ وجَدَها، وإلَّا نَظَرَ في سُنَّةِ رسولِه، فإن لم يجِدْها، نظَرَ في القياسِ، فألْحقَها بأشْبَهِ الأُصولِ (٢٤) بها؛ لما ذكَرْنا من حديثِ مُعاذِ بنِ جَبَلٍ، وهو حديثٌ يرْوِيه عمرُو بنُ الحارثِ ابنُ أخي المُغيرةِ بنِ شعبةَ، عن رجالٍ مِن أصْحابِ مُعاذٍ مِن أهلِ حِمْص، وعمرٌو والرجالُ مجهولون، إلَّا أنَّه حديثٌ مَشْهورٌ في كُتبِ أهلِ العلمِ، رواه سعيدُ بنُ منصورٍ، والإمامُ أحمدُ، وغيرُهما، وتلَقَّاه العلماءُ بالقَبولِ، وجاءَ عن الصَّحابةِ مِن قَوْلِهم ما يُوافقُه، فرَوَى سعيدٌ، أنَّ عمرَ قال لشُرَيْحٍ: انْظُرْ ما يتَبيَّنُ لك في كتابِ اللهِ، فلا تسألْ عنه أحَدًا، وما لا يتَبيَّنُ لك في كتابِ اللهِ، فاتَّبِعْ فيه السُّنَّةَ، وما لم يتَبيَّنْ لك في السُّنَّةِ، فاجْتَهِدْ فيه رَأيَك (٢٥). وعن ابنِ مسعودٍ مثلُ ذلك.

١٨٦٧ - مسألة؛ قال: (وَلَا يَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِعِلْمِهِ)


(٢٢) أخرجه عبد الرزاق، في: باب هل يرد القاضي الخصوم حتى يصطلحوا؟ من كتاب البيوع. المصنف ٨/ ٣٠٣، ٣٠٤. وابن أبي شيبة، في: باب في الصلح بين الخصوم، من كتاب الأقضية والبيوع. المصنف ٧/ ٢١٣، ٢١٤.
(٢٣) في الأصل: "ويروى".
(٢٤) في م: "الوصول" تحريف.
(٢٥) أخرجه، عن عمر، ومن طريق سعيد بن منصور، البيهقى، في: باب موضع المشاورة. كما أخرجه عن عمر وابن مسعود، في: باب ما يقضي به القاضي، من كتاب آداب القاضي. السنن الكبرى ١٠/ ١١٠، ١١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>