للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحَسَنِ. وقال ابنُ أبي موسى: فيه رِوَايَتانِ. واخْتَارَ الخِرَقِىُّ صِحَّتَهُ؛ لأنَّ قَدْرَ أحَدِهما مَعْلُومٌ من الآخَرِ، ويُعَبَّرُ بأحَدِهما عن الآخَرِ، فإنَّ قَوْمًا يُسَمُّونَ تِسْعَةَ دَرَاهِمَ دِينَارًا، وآخَرُونَ يُسَمُّونَ ثمانِيَةَ دَرَاهِمَ (١١) دِينَارًا، فإذا اسْتَثْنَى أحَدَهُما من الآخَرِ، عُلِمَ أنَّه أرَادَ التَّعْبِيرَ بأحَدِهِما عن الآخَرِ، فإذا قال: له علىَّ دِينَارٌ إلَّا ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ، في مَوْضِعٍ يُعَبّرُ فيه بالدِّينَارِ عن تِسْعَةٍ، كان مَعْنَاهُ: له علىَّ تِسْعَةُ دَرَاهِم إلَّا ثَلَاثَةً. ومتى (١٢) أمْكَنَ حَمْلُ الكَلَامِ على وَجْهٍ صَحِيحٍ، لِم يَجُزْ إلْغَاؤُه، وقد أمكنَ بهذا الطَّرِيقِ، فوَجَبَ تَصْحِيحُه. وقال أبو الخَطَّابِ: لا فَرْقَ بين العَيْنِ والوَرِقِ وبينَ غيرِهما، فيَلْزَمُ من صِحَّةِ اسْتِثْناءِ أحَدِهِما من الآخَرِ صِحَّةُ اسْتِثْناءِ الثِّيابِ وغيرِها. وقد ذَكَرْنا الفَرْقَ. ويمكنُ الجَمْعُ بين الرِّوَايَتَيْنِ بِحَمْلِ رِوَايَةِ الصِّحَّةِ على ما إذا كان أحَدُهما يُعَبَّرُ به عن الآخَرِ، أو يُعْلَمُ قَدْرُه منه، ورِوَايَةِ البُطْلَانِ على ما إذا انْتَفَى ذلك، واللهُ أعلمُ.

فصل: ولو ذَكَرَ نَوْعًا من جِنْسٍ، واسْتَثْنَى نَوْعًا آخَرَ من ذلك (١٣) الجِنْسِ، مثل أن يقولَ: له علَىَّ عَشرَةُ آصُعٍ تَمْرًا بَرْنِيًّا، إلَّا ثَلَاثَةً تَمْرًا مَعْقِلِيًّا. لم يَجُزْ؛ لما ذَكَرْناه في (١٤) الفَصْلِ الأَوَّلِ. ويُخَالِفُ العَيْنَ والوَرِقَ؛ لأنَّ قِيمَةَ أحَدِ النَّوْعَيْنِ غيرُ مَعْلُومَةٍ من الآخَرِ، ولا يُعَبَّرُ بأحَدِهما عن الآخَرِ. ويَحْتَمِلُ على قولِ الخِرَقِىِّ جَوَازُهُ؛ لِتَقَارُبِ المَقَاصِدِ من النَّوْعَيْنِ، فهما كالعَيْنِ والوَرِقِ. والأوَّلُ أصَحُّ؛ لأنَّ العِلَّةَ (١٥) الصَّحِيحَةَ في العَيْنِ والوَرِقِ غيرُ ذلك.

فصل: فأما اسْتِثْنَاءُ بعض ما دَخَلَ في المُسْتَثْنَى منه، فجَائِزٌ بغيرِ خِلَافٍ عَلِمْنَاهُ؛ فإنَّ ذلك في (١٦) كَلَامِ العَرَبِ، وقد جاء في الكِتَابِ والسُّنَّةِ، قال اللَّه تعالى: {فَلَبِثَ


(١١) سقط من: الأصل، أ، ب.
(١٢) في أ، ب، م: "ومهما".
(١٣) سقط من: ب.
(١٤) في الأصل، م: "من".
(١٥) في ب زيادة: "في".
(١٦) سقط من: أ، ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>