للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهْلُ العِلْمِ، ويَصِحُّ؛ فإنَّهُ ليس بآكَدَ مِن الخُطْبَةِ، وتَصِحُّ من القاعِدِ. قال الأثْرَمُ: وسَمِعْتُ أبا عبدِ اللهِ يُسْأَلُ عن الأذانِ على الرَّاحِلَةِ؟ فَسَهَّلَ فيه، وقال: أمْرُ الأذانِ عندى سَهْلٌ. ورُوِىَ عن ابنِ عمرَ، أَنَّهُ كان يُؤَذِّنُ على الرَّاحِلَةِ، ثُمَّ يَنْزِلُ فَيُقِيمُ (١٩). وإذا أُبِيحَ التَّنَفُّلُ على الرَّاحِلَة، فالأذانُ أوْلَى.

فصل: ويُسْتَحَبُّ أنْ يُؤَذِّنَ على شيءٍ مُرْتَفعٍ؛ ليكُونَ أبْلغَ لتَأْدِيَةِ صوتِه، وقد رَوَى أبو داوُد (٢٠)، عن عُرْوَةَ بن الزُّبَيْرِ، عن امرأةٍ من بنى النَّجَّارِ قالت: كانَ بَيْتِى مِن أطولِ بيتٍ حولَ المسجِدِ، وكان بلالٌ يُؤَذِّنُ عليه الفجرَ، فيَأْتِى بِسَحَرٍ، فيَجْلِسُ على البيتِ يَنْظُرُ إلى الفجرِ فإِذا رَآهُ تَمَطَّى، ثم قال: اللَّهُمَّ إنِّي أسْتَعِينُكَ وأسْتَعْدِيكَ على قُرَيْشٍ، أنْ يُقِيمُوا دِينَكَ. قالت: ثم يؤذِّنُ. وفى حديثِ بَدْءِ الأذانِ، فقال رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: يا رسولَ اللَّه، رأَيْتُ رَجُلًا، كأنَّ عليهِ ثَوْبَيْن أَخْضَرَيْنِ، فقَامَ على المسجدِ فأَذَّنَ، ثم قعَدَ قَعْدَةً، ثم قام فقالَ مِثْلَهَا، إلَّا أنَّهُ يَقُولُ: قد قامتِ الصَّلَاةُ. (٢١)

فصل: ولا يُسْتَحَبُّ أنْ يَتَكَلَّمَ في أثْناءِ الأذانِ، وكَرِهَهُ طَائِفَةٌ مِنْ أهلِ العِلْمِ، قال الأوْزَاعِىُّ: لم نَعْلَمْ أحدًا يُقْتَدَى بهِ فعل ذلك. ورَخَّصَ فيه الحسنُ، وعَطَاءٌ، وعُرْوةُ (٢٢)، وقَتَادَةُ، وسليمانُ بنُ صُرَد (٢٣). فَإِنْ تَكَلَّمَ بكَلَامٍ يَسِيرٍ جَازَ. وإنْ طالَ الكلامُ بَطَلَ الأذانُ؛ لأنَّه يَقْطَعُ المُوَالَاةَ المَشْرُوطَةَ في الأذانِ، فلا يُعْلَمُ أنَّه أذانٌ. وكذلكَ لو سَكَتَ سُكُوتًا طَويلًا، أو نام نَوْمًا طويلًا، أو أُغْمِىَ عليه، أَو أصَابَه جنونٌ يَقْطَعُ الموَالَاةَ، بَطَلَ أذانُه. وإنْ كان الكلامُ يَسِيرًا مُحَرَّمًا كالسَّبِّ


= بنا. وكان أعرج أصيب رجله في سبيل اللَّه تعالى.
(١٩) أخرجه البيهقي في الموضع السابق ذكره.
(٢٠) في: باب الأذان فوق المنارة، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود ١/ ١٢٣.
(٢١) أخرجه أبو داود، في: باب كيف الأذان، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود ١/ ١٢٠.
(٢٢) سقط من: م.
(٢٣) أبو مطرف سليمان بن صرد بن الجون الخزاعي الكوفى، له صحبة، كان خبيرا فاضلا، قتل سنة خمس وستين. تهذيب التهذيب ٤/ ٢٠٠، ٢٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>