للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نعلمُ في هذا خِلافًا؛ لأنَّه مالٌ يَجِبُ في آخرِ الحَوْلِ على سَبِيلِ المُواساةِ، فأشْبَهَ الزَّكاةَ، وإن وُجِدَ ذلك بعد الحَوْلِ، لم يَسْقُطِ الواجِبُ. وبهذا قال الشافعيُّ. وقال أبو حنيفةَ: يَسْقُطُ بالمَوْتِ؛ لأنَّه خَرَجَ عن (٤٥) أهْلِيَّةِ الوُجُوبِ، فأشْبَهَ ما لو مات قبلَ الحَوْلِ. ولَنا، أنَّه حَقٌّ تَدْخُلُه النِّيابةُ، لا يَمْلِكُ إسْقاطَه في حَياتِه، فأشْبَهَ الدُّيُونَ، وفارَقَ ما قبلَ الحَوْلِ، لأنَّه لم يَجِبْ، ولم يَسْتَمِرَّ الشَرْطُ إلى حينِ الوُجُوبِ. فأمَّا إن كان فَقِيرًا حالَ القَتْلِ، فاسْتَغْنَى عندَ الحَوْلِ، فقال القاضي: يَجِبُ عليه؛ لأنَّهُ وُجِدَ وَقْتَ الوُجُوبِ، وهو من أهْلِه. ويُخَرَّجُ على هذا مَن كان صَبِيًّا فبَلَغَ، أو مَجْنُونًا فأفَاقَ، عندَ الحَوْلِ، وَجَبَ عليه لذلك (٤٦). ويَحْتَمِلُ أن لا يَجِبَ؛ لأنَّه لم يَكُنْ من أهْلِ الوُجُوبِ حالَةَ (٤٧) السَّبَبِ، فلم يَثْبُتِ الحكمُ فيه حالَةَ الشَّرْطِ، كالكافِرِ إذا مَلَكَ مالًا ثم أسْلمَ عندَ الحَوْلِ، لم تَلْزَمْه الزَّكاةُ فيه.

١٤٦٧ - مسألة؛ قال: (ولَيْسَ عَلَى فَقِيرٍ مِنَ الْعَاقِلَةِ، وَلَا امْرَأَةٍ، ولَا صَبِىٍّ، ولَا زَائِلِ الْعَقْلِ، حَمْلُ شَىْءٍ مِنَ الدِّيَةِ)

أكثرُ أهْلِ العلمِ، على أنَّه لا مدْخَلَ لأحَدٍ (١) من هؤلاءِ في تَحَمُّلِ العَقْلِ. قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ كلُّ مَنْ نَحْفَظُ عنه من أهلِ العلمِ، على أنَّ المرأةَ، والصَّبِىَّ الذي لم يَبْلُغْ، لا يَعْقِلانِ مع العاقلةِ، وأجْمَعُوا على أنَّ الفقيرَ لا يَلْزَمُه شيءٌ. وهذا قولُ مالكٍ، والشافعيِّ، وأصْحابِ الرَّأْىِ. وحَكَى بعضُ أصحابِنا، عن مالكٍ، وأبى حنيفةَ، أنَّ للفقيرِ مَدْخَلًا في التَّحَمُّلِ. وذكَرَه أبو الخَطَّابِ رِوايةً عن أحمدَ؛ لأنَّه من أهْلِ النُّصْرَةِ، فكان من العاقلةِ كالغَنِىِّ. والصَّحِيحُ الأوَّلُ؛ لأنَّ تَحَمُّلَ العَقْلِ مُواساةٌ، فلا يَلْزَمُ الفقيرَ


(٤٥) في ب، م: "من".
(٤٦) في م: "كذلك".
(٤٧) في ب: "حال".
(١) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>