للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كقوله: "فِي الْأَنْفِ الدِّيَةُ، وَفِي اللِّسَانِ الدِّيَةُ" (٢). وقد ذكرْناه. وأمَّا نَظِيرُه، فهو ما كان في مَعْناه، ومَقِيسًا عليه، كالألْيَتَيْنِ، والثَّدْيَيْن، والحاجِبَيْنِ. وقد ذكرْنا ذلك أيضًا، فما لم يكُنْ من المُوَقَّتِ، ولا ممَّا يُمْكِنُ قِياسُه عليه، كالشِّجاجِ التي دُونَ المُوضِحَةِ، وجِرَاحِ البدنِ سِوَى الجائفةِ، وقَطْعِ الأعضاءِ، وكسْرِ العظامِ المذكورةِ؛ فليس فيه إلَّا الحُكومةُ.

١٥١٥ - مسألة؛ قال: (وَالْحُكُوْمَةُ أنْ يُقَوَّمَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ كَأَنَّهُ عَبْدٌ لَا جِنَايَةَ به، ثُمَّ يُقَوَّمَ وَهِيَ بِهِ قَدْ بَرَأَتْ، فَمَا نَقَصَتْهُ الْجِنَايَةُ، فَلَهُ مِثلُهُ مِنَ الدِّيَةِ، كَأَنْ تَكُونَ قِيْمَتُهُ وَهُوَ عَبْدٌ صَحِيحٌ عَشْرَةً، وَقِيْمَتُهُ وَهُوَ عَبْدٌ بِهِ الْجِنَايَةُ تِسْعَةً، فَيَكُونَ فِيهِ عُشْرُ دِيَتِهِ)

هَذا الّذي ذَكَره الْخِرَقيُّ، رَحِمهُ اللَّه، فِي تفسيرِ الحُكومةِ، قولُ أهلِ العلمِ كُلِّهم، لا نعلمُ بينهم فيه خلافًا. وبه قال الشافعيُّ، والعَنْبَرِيُّ، وأصْحابُ الرَّأْيِ، وغيرُهم. قال ابنُ المُنْذِرِ: كلُّ مَن نَحفظُ عنه من أهل العلم يَرى أنَّ معنى قولِهم: حُكومةٌ، أنْ يُقالَ إذا أُصيبَ الإِنسانُ بِجُرْحٍ لا عقلَ له معلوم: كم قيمةُ هذا المجْروحِ؟ لو كان عَبْدًا لم يُجْرحْ هذا الجُرْحَ، فإذا قيلَ: مائةُ دِينارٍ. قيل: وكم قِيمَتُه وقد أصابَه هذا الجُرْحُ، وانْتَهَى بُرْؤُه؟ قيل: خمسةٌ وتِسُعونَ. فالذى يجبُ على الجاني نِصفُ عُشْرِ الدِّيَةِ. وإن قالوا: تِسعُون. فعُشْر الدِّيَةِ. وإنْ زادَ أو نقصَ، فعلى هذا المِثالِ. وإنَّما كان كذلك؛ لأنَّ جُمْلتَه مَضْمونةٌ بالدِّيَةِ، فأجْزاؤُه مَضْمونةٌ منها، كما أنَّ المِبيعَ لمَّا كان مَضْمونًا على البائعِ بالثَّمنِ، كان أرشُ عَيْبِه مُقَدَّرًا من الثَّمنِ، فيُقالُ: كم قِيمتُه لا عيبَ فيه؟ قالُوا (١): عشرةٌ. فيُقال: كم قِيمَتُه وفيه العَيْبُ؟ فإذا قيل: تسعةٌ، عُلِمَ أنَّه نقَصَ عُشْرُ قِيمَتِه، فيجبُ أن نَرُدَّ من الثَّمنِ عُشْرَه، أيَّ قَدْرٍ كان، ونُقَدِّرَه (٢)


(٢) تقدم تخريجه، في صفحة ٥.
(١) في ب، م: "فقالوا".
(٢) في الأصل: "ويقدره". وفي ب: "وتقديره".

<<  <  ج: ص:  >  >>