كتاب المغني لابن قدامة - ت التركي

١٢٢٢ - مسألة؛ قال: (فإن قسم على الحاضرين، فلا بأس بأخذه) - فصل - ج: 10 - ص: 214

النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بجَفْنَةٍ كثيرةٍ الثَّرِيد والوَدَكِ (٣١)، فأقبلْنَا نأكلُ، فَخَبَطْتُ يدِى فى نواحِيهَا، فقال: "يا عِكْرَاشُ، كُلْ مِنْ مَوْضِعٍ وَاحِدٍ؛ فَإِنَّهُ طَعَامٌ وَاحِدٌ". ثم أُتِينَا بطَبَقٍ فِيه ألْوانُ الرُّطَبِ، فجالتْ يدُ رسولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فى الطَّبَقِ، وقال: "يَا عِكْرَاشُ، كُلْ مِنْ حَيْثُ شِئْتَ؛ فَإِنَّهُ غَيْرُ لَوْنٍ وَاحِدٍ". رَواه ابنُ مَاجَه (٣٢). ولا يأكلُ مِن ذِرْوةِ الثَّرِيدِ، لما رَوَى ابنُ عبَّاسٍ، عن النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه قال: "إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَامًا، فَلَا يَأْكُلْ مِنْ أَعْلَى الصَّحْفَةِ، وَلَكن لِيَأْكُلْ مِنْ أَسْفَلِهَا، فإنَّ الْبَرَكَةَ تَنْزِلُ مِنْ أَعْلَاهَا". وفى [حديثٍ آخَرَ] (٣٣): "كُلُوا مِنْ جَوَانِبِهَا، وَدَعُوْا ذِرْوَتَهَا، يُبَارَكْ فِيهَا" رواهما ابنُ مَاجَه (٣٤).

فصل: ويُسْتحَبُّ الأكلُ بالأَصابعِ الثَّلاثِ، ولا يَمسحُ يَدَه حتى يلْعَقَها. قال مُثَنَّى: سألتُ أبا عبدِ اللَّهِ عن الأكلِ بالأَصابعِ كلِّها؟ فذهبَ إلى ثلاثِ أصابعَ، فذكرتُ له الحديثَ الذى يُرْوَى عَنِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه كان يأكلُ بكَفِّه كلِّها (٣٥). فلم يُصَحِّحْه، ولم يَرَ إلَّا ثلاثَ أصابعَ. وقد رَوَى كَعْبُ بنُ مالكٍ، قال: كان رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يأْكُلُ بثلاثِ أصابعَ، ولا يَمْسَحُ يدَه حتى يلْعَقَها. رَواه الخلَّالُ بإسْنادِه (٣٦).

---

(٣١) الودك: دسم اللحم والشحم، وهو ما يتحلب من ذلك.
(٣٢) فى: باب الأكل مما يليك، من كتاب الأطعمة. سنن ابن ماجه ٢/ ١٠٨٩، ١٠٩٠.
كما أخرجه الترمذى، فى: باب ما جاء فى التسمية فى الطعام، من أبواب الأطعمة. عارضة الأحوذى ٨/ ٤٠.
(٣٣) فى أ، ب، م: "الحديث".
(٣٤) الحديث الأول، باللفظ الذى أورده المصنف، أخرجه أبو داود عن ابن عباس، فى: باب ما جاء فى الأكل من أعلى الصحفة، من كتاب الأطعمة. سنن أبى داود ٢/ ٣١٣. كما أخرج الثانى عن عبد اللَّه بن بسر، فى الباب نفسه. أما ابن ماجه، فقد أخرج الأول، عن واثلة بن الأسقع الليثى، باختلاف يسير، فى بعض ألفاظه، وأخرج الثانى عن عبد اللَّه بن بسر، وأخرج عن ابن عباس، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا وضع الطعام، فخذوا من حافته، وذروا وسطه؛ فإن البركة تنزل فى وسطه". انظر: باب النهى عن الأكل من ذروة الثريد، من كتاب الأطعمة. سنن ابن ماجه ٢/ ١٠٩٠.
(٣٥) أخرجه ابن أبى شيبة، فى: باب فى الأكل بكم إصبع هو، من كتاب العقيقة. المصنف ٨/ ٢٩٩. بلفظ: كان يأكل بالخمس.
(٣٦) وأخرجه مسلم، فى: باب استحباب لعق الأصابع والقصعة. . .، من كتاب الأشربة. صحيح مسلم ٣/ ١٦٠٥. وأبو داود، فى: باب فى المنديل، من كتاب الأطعمة. سنن أبى داود ٢/ ٣٢٩. والدارمى، فى: باب الأكل بثلاث أصابع، من كتاب الأطعمة. سنن الدارمى ٢/ ٩٧. والإمام أحمد، فى: المسند ٦/ ٣٨٦.