للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دون أولادِهم، فمتى مَلَكَ أحدًا منهم عَتَقَ عليه. رُوِى ذلك (٢) عن عمرَ، وابنِ مسعودٍ، رَضِىَ اللَّهُ عنهما. وبه قال الحسنُ، وجابرُ بن زيدٍ، وعَطاءٌ، والحَكَمُ، وحمادٌ، وابنُ أبى لَيْلَى، والثَّوْرِىُّ، واللَّيْثُ، وأبو حنيفةَ، والحسنُ بن صالحٍ، وشَرِيكٌ، ويحيى بن آدَمَ. وأعْتَقَ مالكٌ الوالِدِينَ والمَوْلُودِينَ وإن بَعُدُوا، والإخْوَة والأخَواتِ دون أَوْلادِهم. ولم يُعْتِقِ الشافعىُّ إلَّا عَمُودَى النَّسَبِ. وعن أحمدَ، روايةٌ كذلك، ذَكَرها أبو الخَطَّابِ، ولم يُعْتِقِ [داودُ] وأهلُ الظَّاهِرِ أحَدًا حتى يَعْتِقَه؛ لقولِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يَجْزِى وَلَدٌ وَالِدَه شَيْئًا، إلَّا أنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فيَشْتَرِيَهُ، فيَعْتِقَهُ". رواه مُسْلِمٌ (٣). ولَنا: ما رَوَى الحسنُ، عن سَمُرَةَ قال: قال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ، فهُو حُرٌّ". رواه أبو داودَ، والتِّرْمِذِىُّ (٤)، وقال: حديثٌ حسنٌ. ولأنَّه ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ، فيَعْتِقُ عليه بالمِلْكِ، كعَمُودَىِ النَّسَبِ، وكالإخوةِ والأخَواتِ عندَ مالكٍ. فأمَّا قوله: "حَتَّى يَشْتَرِيَهُ فيُعْتِقَهُ". فيَحْتَمِلُ أنَّه أراد فيَشْتَرِيَه (٥) فيُعْتِقَهُ بشِرَائِه له، كما يُقال (٦): ضَرَبَه فقَتَلَه، والضَّرْبُ هو القَتْلُ؛ وذلك لأنَّ الشِّراءَ لمَّا كان يَحْصُلُ به العِتْقُ تارةً دُونَ أُخْرَى، جاز عَطْفُ صِفَتِه عليه، كما يُقال: ضَرَبَه فأطارَ رَأْسَه. ومتى عَتَقَ عليه، فَولاؤه له؛ لأنَّه يَعْتِقُ من مالِه بسببِ فِعْلِه، فكان وَلاؤُه له، كما لو باشَرَ عِتْقَه، وسَواءٌ مَلَكَه بشِراءٍ، أو هِبَةٍ، أو غَنِيمةٍ، أو إرْثٍ، أو غيرِه. لا نَعْلَمُ بين أهلِ العلمِ فيه خلافًا.

فصل: ولا خلافَ فى أَنَّ المَحارِمَ من غيرِ ذَوِى الأرْحامِ لا يعْتِقُونَ على سَيِّدِهم، كالأُمِّ والأخِ من الرَّضاعةِ، والرَّبِيبةِ، وأُمِّ الزَّوجةِ، وابْنَتِها، إلَّا أنَّه حُكِىَ عن الحسن،


(٢) سقط من: م.
(٣) تقدم تخريحه فى: ٨/ ٧٧.
(٤) تقدم تخريجه فى: ٨/ ٣٩٩.
(٥) فى م: "يشتريه".
(٦) فى م: "قال".

<<  <  ج: ص:  >  >>