للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يَجْعَلُه تالِفًا؛ بِدَلِيلِ أنَّ أحْكامَ الحَياةِ، من التَّكْلِيفِ وغيرِه، لا تَسْقُطُ عنه، ولا تَثْبُتُ أحْكامُ المَوْتَى له، مِن إرْثِ مالِه، ونُفُوذِ وَصِيَّتِه وغيرِها، ولأنَّ خُرُوجَه عن حُكْمِ الأصْلِ، لا يَثْبُتُ إلَّا بِدَلِيلٍ، ولا نَصَّ في هذا ولا إجْماعَ، ولا يَصِحُّ قِياسُه على الحَشراتِ والمَيْتاتِ؛ لأنَّ تلك لم تكنْ فيها مَنْفَعَةٌ، فيما مَضَى، ولا في الحالِ، وعلى أنَّ (٦) هذا التَّحَتُّمَ يُمكنُ زَوَالُه؛ لِزَوَالِ ما ثَبَتَ به من الرُّجُوعِ عن الإِقْرارِ، وإن كان ثَبَتَ به، أو رُجُوعِ البَيِّنَةِ، ولو لم يُمْكِنْ زَوَالُه، فأكْثَرُ ما فيه تَحَقُّقُ تَلَفِه، وذلك يَجْعَلُه كالمَرِيضِ المَأْيُوسِ من بُرْئِه، وبَيْعُه جائِزٌ.

٧٤٨ - مسألة؛ قال: (وَمَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَه مَالٌ، فَمَالُه لِلْبَائِعِ، إلَّا أنْ يَشْتَرِطَهُ المُبْتَاعُ، إذَا كَانَ قَصْدُه لِلْعَبْدِ لَا لِلْمَالِ)

وجُمْلَةُ ذلك، أنَّ السَّيِّدَ إذا باعَ عَبْدَه، أو جارِيَتَه، وله مالٌ مَلَّكَه إيَّاه مَوْلاه، أو خَصَّه به، فهو للبائِعِ؛ لما رَوَىَ ابنُ عمرَ، أنَّ رسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "مَنْ بَاعَ عَبْدًا، وَلَهُ مَالٌ، فَمَالُه لِلْبَائِعِ، إلَّا أنْ يَشْتَرِطَه المُبْتَاعُ". رواهُ مُسْلِمٌ، وأبو داودَ، وابنُ ماجَه (١). ولأنَّ العَبْدَ ومالَه (٢) للبائِعِ، فإذا باعَ العَبْدَ اخْتَصَّ البَيْعُ به دُونَ غيرِه، كما لو كان له عَبْدانِ فباعَ أحَدَهُما. وإن اشْتَرَطَه المُبْتاعُ كان له؛ لِلْخَبَرِ، ورَوَى ذلك نافِعٌ، عن ابنِ عمرَ، عن عمرَ بن الخَطَّابِ رَضِىَ اللَّه عنه، وقَضَى به شُرَيْحٌ، وبه قال عَطاءٌ، وطاوُسٌ، ومالِكٌ، والشَّافِعِيُّ، وإسْحاقُ. قال الخِرَقِيُّ: إذا كان قَصْدُه لِلْعَبْدِ لا للمالِ. هذا مَنْصُوصُ أحمدَ، وهو قولُ الشَّافِعِيِّ، وأبى ثَوْرٍ، وعُثمانَ البَتِّيِّ. ومَعْناه، أنَّه لا يَقْصِدُ بالبَيعِ شِراءَ مالِ العَبْدِ، إنَّما يَقْصِدُ بَقاءَ المالِ لِعَبْدِه، وإقْرارَه في يَدِه، فمتى كان كذلك، صَحَّ اشْتِراطُه، ودَخَلَ في البَيْعِ به، سواءٌ كان المالُ مَعْلُومًا أو مَجْهُولًا، من جِنْسِ الثَّمَنِ أو مِن غيرِه، عَيْنًا


(٦) سقط من: الأصل.
(١) تقدم تخريجه في صفحة ٢١.
(٢) في الأصل: "ماله" بإسقاط الواو.

<<  <  ج: ص:  >  >>