للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العظْمَ. ولم يَبلُغْنا عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فيها تَقْدِيرٌ، وأكثرُ مَن بلَغَنا قولُه من أهلِ العلم، على أنَّ أرْشَها مُقَدَّرُ بعَشْرٍ من الإِبلِ. رَوَى ذلك قَبِيصَةُ بن ذُؤَيْب، عن زيدِ بن ثابتٍ (١). وبه قال قَتادةُ، والشَّافعيُّ، والعَنْبريُّ، ونحوُه قولُ (٢) الثَّوْريِّ، وأصحابِ الرَّأْيِ، إلَّا أَنَّهم قدَّروها بعُشْرِ الدِّيَةِ من الدَّراهم، وذلك على قولِهم ألفُ دِرْهم. وكان الحسنُ لا يُوَقِّتُ فيها شيئا. وحُكِيَ عن مالكٍ، أنَّه قال: لا أعْرِفُ الهاشِمَةَ، لكنْ في الإِيضاحِ خمسٌ، وفي الهَشْمِ حُكومةٌ. قال ابن المُنْذِرِ: النَّظَرُ يدُلُّ على قولِ الحسنِ؛ إذْ لا سُنَّةَ فيها وَلا إجماعَ، ولأنَّه لم يُنْقَلْ فيها عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- تَقْديرٌ، فوجبَتْ فيها الحُكومةُ، كما دُونَ المُوضِحَةِ. ولَنا، قولُ زيدٍ، ومثْلُ ذلك الظَّاهرُ أنَّه تَوْقيفٌ، ولأنَّه لم نَعْرِفْ له مُخالِفًا في عَصْرِه، فكانَ إجْماعًا، ولأنَّها شَجَّةٌ فوقَ المُوضِحَة تَخْتَصُّ باسمٍ، فكان فيها مُقدَّرٌ كالمَأْمُومةِ.

فصل: والهاشِمَةُ في الرأسِ والوجهِ خاصَّةً، على ما ذكرْنا في المُوضِحَةِ. وإن هشَمَه هاشِمَتَيْنِ، بينهما حاجِزٌ، ففيهما عِشْرون منَ الإِبلِ، على ما ذكَرْنا في المُوضِحَةِ من التَّفْصيلِ. وتَسْتَوِي الهاشِمةُ الصغيرةُ والكبيرةُ. وإن شَجَّه شجَّةً، بعضُها مُوضِحَةٌ، وبعضُها هاشِمَةً، وبعضها سِمْحاقٌ، وبعضُها مُتلاحِمَةٌ، وجبَ أرشُ الهاشِمةَ؛ لأنَّه لو كانَ جميعُها هاشمةً، أجْزَأَ أَرْشُها، ولو انْفرَدَ القَدْرُ المهشومُ، وجبَ أرشُها، فلا يُنْتَقَصُ (٣) ذلك بما (٤) زادَ من الأرْشِ في غيرِها. وإن ضربَ رأسَهُ، فهشَمَ العظْمَ، ولم يُوضِحْه، لم تجبْ دِيَةُ الهاشِمَةِ. بغيرِ خِلافٍ؛ لأنَّ أَرْشَ (٥) المُقدَّرِ وجبَ في هاشِمَةٍ يكونُ (٦) معها مُوضِحَةٌ، وفي الواجبِ فِيها وجهانِ؛ أحدهما؛ فيها خمسٌ من الإِبلِ؛


(١) أخرجه البيهقي، في: باب الهاشمة، من كتاب الديات. السنن الكبرى ٨/ ٨٢. وعبد الرزاق، في: باب الهاشمة من كتاب العقول. المصنف ٩/ ٣١٤.
(٢) في ب، م: "قال".
(٣) في ب، م: "ينقص".
(٤) في ب، م زيادة: "إذا".
(٥) في م: "الأرش".
(٦) في ب: "فيكون".

<<  <  ج: ص:  >  >>