للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيُشَارِكَه في الجَزَاءِ؛ لأنَّ صَيْدَ الحَرَمِ حَرامٌ على الْحَلالِ والحرامِ. نَصَّ عليه أحمدُ.

فصل: وإن صَادَ المُحْرِمُ صَيْدًا لم يَمْلِكْهُ، فإن تَلِفَ في يَدِه، فعليه جَزَاؤُهُ، وإن أمْسَكَهُ حتى حلَّ، لَزِمَهُ إرْسَالُه، وليس له ذَبْحُه، فإن فَعَلَ، أو تَلِفَ الصَّيْدُ، ضَمِنَهُ، وحَرُمَ أكلُه؛ لأنَّه صَيْدٌ ضَمِنَه بِحُرْمَةِ الإحْرَامِ، فلم يُبَحْ أكْلُه، كما لو ذَبَحَهُ حالَ إحْرَامِهِ، ولأنَّها ذَكَاةٌ مُنِعَ منها بِسَبَبِ الإحْرَامِ، فأشْبَهَتْ ما لو كان الإحْرامُ بَاقِيًا. واخْتَارَ أبو الخَطَّابِ أنَّ له أكْلَهُ وعليه ضَمَانَهُ؛ لأنَّه ذَبَحَهُ وهو من أهْلِ ذَبْحِ الصَّيْدِ، فأَشْبَهَ ما لو صَادَهُ بعد الحلِّ. والفَرْقُ ظَاهِرٌ؛ لأنَّ هذا يَلْزَمُه ضَمَانُه والذى صَادَه بعدَ الحِلِّ لا ضَمَانَ عليه فيه.

٥٧٩ - مسألة؛ قال: (وَلَا يَأَكُلُه إذَا صَادَهُ الْحَلَالُ لِأَجْلِهِ)

لا خِلَافَ في تَحْرِيمِ الصَّيْدِ على المُحْرِمِ إذا صادَهُ أو ذَبَحَهُ. وقد قال اللَّه تعالى: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} (١). وإن صَادَهُ حلالٌ وذَبَحَهُ، وكان من المُحْرِمِ إعَانَةٌ فيه، أو دَلَالَةٌ عليه، أو إشَارَةٌ إليه، لم يُبَحْ أيضا. وإن صِيدَ من أجْلِه، لم يُبَحْ له أيضا أكْلُه. ورُوِىَ ذلك عن عثمانَ بن عفانَ (٢). وهو قولُ مالِكٍ، والشَّافِعِيُّ. وقال أبو حنيفةَ: له أكْلُه؛ لقولِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في حديثِ أبي قَتَادَةَ: "هَلْ مِنْكُمْ أحَدٌ أمَرَهُ، أوْ أشَارَ إلَيْه بِشَىْءٍ؟ " قالوا: لا. قال: "فَكُلُوا مَا بَقِىَ مِنْ لَحْمِهَا". مُتَّفَقٌ عليه (٣). فَدَلَّ على أنَّ التَّحْرِيمَ إنَّما يَتَعَلَّقُ بالإشَارَةِ والأمْرِ والإعانَةِ، ولأنَّه صَيْدٌ مُذَكَّى، لم يَحْصُلْ فيه ولا في سَبَبِه صُنْعٌ منه، فلم يَحْرُمْ عليه أكْلُه، كما لو لم يُصَدْ له. وحُكِىَ عن عليٍّ، وابنِ عمرَ، وعائشةَ، وابنِ عَبَّاسٍ، أنَّ لَحْمَ الصَّيْدِ يَحْرُمُ على المُحْرِمِ بكلِّ حالٍ، وبه قال


(١) سورة المائدة ٩٦.
(٢) انظر تخريج حديثه في الفصل الآتي.
(٣) تقدم تخريجه في صفحة ١٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>