للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَقِّه بالشُّفْعَةِ، فيَبْقَى على مِلْكِه، ثم لا يمْنَعُ أن يَسْتَحِقَّ الإِنْسانُ على نَفْسِه، لأجْلِ تَعَلُّقِ حَقِّ (١١) الغيرِ به، ألا تَرَى أنَّ العَبْدَ المَرْهُونَ، إذا جَنَى على عَبدٍ آخَرَ لِسَيِّده، ثَبَتَ للسَّيِّدِ على عَبْدِه أَرْشُ الجِنَايةِ؛ لأجْلِ تَعَلُّقِ حَقِّ المُرْتَهِنِ به، ولو لم يكُنْ رَهْنًا ما تَعَلَّقَ به. إذا ثَبَتَ هذا، فإن للشَّرِيكِ (١٢) المُشْتَرِى أخْذَ قَدْرِ نَصِيبِه لا غيرُ أو العَفْوَ. وإن قال له المُشْتَرِى: قد أسْقَطتُ شُفْعَتِى، فَخُذِ الكُلَّ، أو اتْرُكْ. لم يَلْزَمْهُ ذلك، ولم يَصِحَّ إسْقَاطُ المُشْتَرِى؛ لأنَّ مِلْكَه اسْتَقَرَّ على قَدْرِ حَقِّه، فجَرَى مَجْرَى الشَّفِيعَيْنِ إذا أخَذَا بالشُّفْعةِ ثم عَفَا أحَدُهُما عن حَقِّه. وكذلك إذا حَضَرَ أحدُ الشَّفِيعَيْنِ، فأخَذَ جميعَ الشِّقْصِ بالشُّفْعةِ، ثم حَضَرَ الآخرُ، فله أخْذُ النِّصْفِ من ذلك، فإن قال الأولُ: خُذ الكلَّ أو دَعْ (١٣)، فإنّى قد أسْقَطْتُ شُفْعَتِى. لم يكُنْ له ذلك. فإن قيل: هذا تَبْعِيضٌ للصَّفْقةِ على المُشْتَرِى. قُلْنا: هذا التَّبْعِيضُ اقْتَضاهُ دُخُولُه في العَقْدِ، فصار [كالرِّضَى منه به] (١٤)، كما قُلْنا في الشَّفِيعِ (١٥) الحاضِرِ إذا أخذَ جَمِيعَ الشِّقْصِ، وكما لو اشْتَرَى شِقْصًا وسَيْفًا.

٨٨١ - مسألة؛ قال: (فَإنْ تَرَكَ أحَدُهُمَا شُفْعَتَهُ، لَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ أنْ يَأْخُذَ إلَّا الْكُلَّ أوْ يَتْرُكَ)

وجُمْلَتُه أنَّه إذا كان الشِّقْصُ بين شُفَعَاءَ، فتَرَكَ بعضُهم، فليس لِلْباقِينَ إلَّا أخذُ الجَمِيعِ أو تَرْكُ الجميعِ، وليس لهم أخذُ البعضِ. قالَ ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ كلُّ مَن أحْفَظُ عنه من أهْلِ العِلْمِ على هذا. وهذا قول مالكٍ، والشّافِعِىِّ، وأصْحابِ الرَّأْى. ولأنَّ في أخْذِ البعضِ إضْرَارًا بالمُشْتَرِى، بِتَبْعِيضِ الصَّفْقةِ عليه، والضَّرَرُ لا يُزَالُ بالضَّرَرِ، لأنَّ


(١١) سقط من: م.
(١٢) في ب، م: "الشريك".
(١٣) في ب زيادة: "الكل".
(١٤) في ب: "كما لو قضى به".
(١٥) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>