للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالتْ: سمعتُ رسولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "لَا طَلَاقَ فِى إِغْلَاقٍ". رواه أبو داودَ (٣)، والأَثْرَمُ، قال أبو عُبَيدٍ، والقُتَيْبِىُّ (٤): معناه: فى إكراهٍ. وقال أبو بكرٍ: سألتُ ابنَ دُرَيدِ وأبا طاهرٍ النَّحْوِيَّيْنِ، فقالا: يُريدُ الإِكْراهَ؛ لأنَّه إذا أُكرِهَ انْغلَقَ (٥) عليه رأيه. ويَدخلُ فى هذا المعنى المُبَرْسَمُ إجماعًا؛ ولأنَّه قولٌ حُمِلَ عليه بغيرِ حقٍّ، فلم يَثْبُتْ له. حُكمٌ، ككلمةِ الكُفرِ إذا أكرِهَ عليها.

فصل: وإن كان الإِكْراهُ بحقٍّ، نحو إكْراهِ الحاكمِ المُولِى على الطَّلاقِ بعدَ التَّربُّصِ إذا لم يَفِئْ، وإكراهِه الرَّجُلَيْنِ اللذَيْنِ زَوَّجَهُما وَلِيَّانِ، ولم (٦) يُعْلَمِ السابقُ منهما على الطَّلاقِ، وَقَعَ الطَّلاقُ؛ لأنَّه قولٌ حُمِلَ عليه بحقٍّ، فصَحَّ، كإسْلامِ المُرتَدِّ إذا أُكْرِهَ عليه، ولأنه إنَّما جازَ إكْراهُه على الطَّلاقِ ليَقعَ طلاقُه، فلو لم يَقَعْ لم [يَحْصُلِ المقصودُ] (٧).

١٢٥٦ - مسألة؛ قال: (وَلَا يَكُوْنُ مُكْرَهًا حَتَّى يُنَالَ بِشَىْءٍ مِنَ الْعَذَابِ، مِثْلِ الضَّرْبِ أَو الْخَنْقِ أَوْ عَصْرِ السَّاقِ وَمَا أَشْبَهَهُ، وَلَا يَكُونُ التَّوَاعُدُ إِكْرَاهًا (١))

أمَّا إذا نِيلَ بشىءٍ مِنَ العذابِ، كالضَّربِ، والخَنْقِ، والعَصْرِ، والحَبْسِ، والغَطِّ فى الماءِ مع الوعيدِ، فإنَّه يكونُ إكراهًا بلا إشْكالٍ، لما رُوِىَ أن المشركِينَ أخذوا عمَّارًا، فأرادُوه على الشِّرْكِ، فأعْطاهم، فانْتهىَ إليه النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو يَبْكِى، فجعلَ يَمْسَحُ الدُّموعَ عن


(٣) فى: باب فى الطلاق على غلق، من كتاب الطلاق. سنن أبى داود ١/ ٥٠٧.
كما أخرجه ابن ماجه، فى: باب طلاق المكره والناسى، من كتاب الطلاق. سنن ابن ماجه ١/ ٦٦٠.
(٤) لم نجده فى غريب الحديث، لكل من أبى عبيد، وابن قتيبة.
(٥) فى الأصل: "لا نغلق".
(٦) فى ب، م: "ولا".
(٧) فى ب، م: "يقصد المحصول".
(١) فى ب، م: "كرها".

<<  <  ج: ص:  >  >>