للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وإن غَصَبَ بَيْتًا، فأحْرَزَ فيه مالَه، فَسَرَقَه منه أجْنَبِىٌّ، أو المغصوبُ منه، فلا قَطْعَ عليه؛ لأنَّه لا حُكْمَ لِحِرْزِه (٨١) إذا (٨٢) كان مُتَعدِّيًا به، ظالِمًا فيه.

فصل: وإذا سَرَقَ الضَيْفُ من مالِ مُضِيفِه شيئًا، نَظَرْتَ؛ فإن سَرَقَه من المَوْضِعِ الذي أنْزَلَه فيه، أو مَوْضِعٍ لم يُحْرِزْهُ عنه، لم يُقْطَعْ؛ لأنَّه لم يَسْرِقْ مِنْ حِرْزٍ، وإن سَرَقَ من مَوْضِعٍ مُحْرَزٍ دونَه، نَظَرْتَ؛ فإن كانَ مَنَعَه قِرَاهُ، فَسَرقَ بقدْرِه، فلا قَطْعَ عليه أيضًا، وإن لم يَمْنَعْهُ قِرَاهُ، فعليه القَطْعُ. وقد رُوِىَ عن أحمدَ، أنَّه لا قَطْعَ على الضَّيفِ. وهو محمولٌ على إحْدَى الحالَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ. وقال أبو حنيفة: لا قَطْعَ عليه بحالٍ، لأنَّ الْمُضِيفَ بَسَطَه في بَيْتِه ومالِه، فأشْبَهَ ابنَه. ولَنا، أنَّه سَرَقَ مالًا مُحْرَزًا عنه، لا شُبْهَةَ له فيه، فَلَزِمَه القَطْعُ، كالأجْنَبِىِّ. وقولُه (٨٣): إنَّه بسَطَه فيه. لا يَصِحُّ، فإنَّه أحْرَزَ عنه هذا المالَ، ولم يبْسُطْهُ فيه، وتَبَسُّطُه في غيرِه لا يُوجِبُ تَبَسُّطَه فيه، كما لو تَصَدَّقَ على مِسْكِينٍ بصَدقَةٍ، أو أهْدَى إلى صَديقِه هَدِيَّةً، فإنَّه لا يَسْقُطُ عنه القَطْعُ بالسَّرِقَةِ من غيرِ ما تَصَدَّقَ به عليه، أو أهْدَى إليه.

فصل: وإذا أحْرَزَ المُضارِبُ مالَ المُضارَبَةِ، أو الوديعَةِ، أو العارِيَّةِ، أو المالَ الذي وُكِّلَ فيه، فسَرَقَه أجْنَبِىٌّ، فعليه القَطْعُ، لا نعلَمُ فيه مُخالِفًا؛ لأنَّه يَنُوبُ مَنابَ المالِكِ في حِفْظِ المالِ وإحْرازِه، ويَدُه كَيدِه. وإن غَصَبَ عينًا وأحْرَزَها، أو سَرَقهَا وأحْرَزَها، فسَرَقهَا سَارِقٌ، فلا قَطْعَ عليه. وقال مالِكٌ: عليه القَطْعُ؛ لأنَّه سَرَقَ نِصَابًا من حِرْزِ مِثْلِه، لا شُبْهَةَ له فيه. وللشَّافِعِىِّ قولانِ، كالمذْهَبَيْنِ. وقال أبو حنيفةَ كقَوْلِنا في السَّارِقِ، كقولِهِم في الغاصِب. ولَنا، أنَّه لم يَسْرِقِ المالَ من مالِكِهِ، ولا مِمَّنْ يقُومُ مَقَامَه، فأشْبَهَ ما لو وَجَدَه ضائِعًا فأخَذَه، وفارقَ السَارِقَ من المالِكِ أو نائِبِهِ، فإنَّه أزال يَدَهُ، وسَرَقَ من حِرْزه.


(٨١) في م: "بحرزه".
(٨٢) في ب، م: "إذا".
(٨٣) في ب: "وقولهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>