للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فى هذا بين العُلَمَاءِ، وقد قال النَّبِىُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لا تَلْبَسُوا مِنَ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ، ولَا الوَرْسُ". مُتَّفَقٌ عليه (٢). فَكُلُّ ما صُبِغَ بِزَعْفَرَان أو وَرْسٍ، أو غُمِسَ فى ماءِ وَرْدٍ، أو بُخِّرَ بِعُودٍ، فليسَ لِلْمُحْرِمِ لُبْسُه، [ولا الجُلُوسُ عليه، ولا النَّوْمُ عليه. [نَصَّ أحمدُ عليه] (٣). وذلك لأنَّه اسْتِعْمَالٌ له، فأَشْبَهَ لُبْسَه] (٤). ومتى لَبِسَهُ، أو اسْتَعْمَلَهُ، فعليه الفِدْيَةُ. وبذلك قال الشَّافِعِىُّ. وقال أبو حنيفةَ: إن كان رَطْبًا يَلِى بَدَنَهُ، أو يَابِسًا يُنْفَضُ، فعليه الفِدْيَةُ، وإلَّا فلا؛ لأنَّه ليس بِمُتَطيِّبٍ. ولَنا، أنَّه مَنْهِىٌّ عنه لأجْلِ الإِحْرامِ فلَزِمَتْهُ الفِدْيَةُ به (٥)، كاسْتِعْمَالِ الطِّيبِ فى بَدَنِه. ولأنَّه مُحْرِمٌ اسْتَعْمَلَ ثَوْبًا مُطَيَّبًا، فلَزِمَتْهُ الفِدْيَةُ به كالرَّطْبِ. فإن غَسَلَهُ حتى ذَهَبَ ما فيه من ذلك، فلا بَأْسَ به عندَ جَمِيعِ العُلَمَاءِ.

فصل: وإن انْقَطَعَتْ رَائِحَةُ الثَّوْبِ، لِطُولِ الزَّمَنِ عليه، أو لِكَوْنِه صُبِغَ بغيرِه، فغَلَبَ عليه، بحيثُ لا يَفُوحُ له رَائِحَةٌ إذا رُشَّ فيه الماءُ، فلا بَأْسَ بِاسْتِعْمَالِه، لِزَوَالِ الطِّيبِ منه. وبهذا قال سَعِيدُ بنُ المُسَيَّبِ، والحسنُ، والنَّخَعِىُّ، والشَّافِعِىُّ، وأبو ثَوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأى. ورُوِىَ ذلك عن عَطاءٍ، وطاوُسٍ. وكَرِهَ ذلك (٦) مَالِكٌ إلَّا أن يُغْسَلَ ويَذْهَبَ لَوْنُه؛ لأنَّ عَيْنَ الزَّعْفَرَانِ ونَحْوِه فيه. ولَنا، أنَّه إنَّما نُهِىَ عنه من أجْلِ رَائِحَتِه، وقد ذَهَبَتْ بِالكُلِّيَّةِ. فأمَّا إن لم يكنْ له رَائِحَةٌ فى الحالِ، لكن كان (٧) بحيثُ إذا رُشَّ فيه ماءٌ فَاحَ رِيحُه، ففيه الفِدْيَةُ؛ لأنَّه مُطَيَّبٌ (٨) بِطِيبٍ، بِدَلِيلِ أن رَائِحَتَهُ تَظْهَرُ عند رَشِّ الماءِ فيه، والماءُ لا رَائِحَةَ


(٢) تقدم تخريجه فى صفحة ١١٩.
(٣) سقط من: الأصل.
(٤) سقط من: أ.
(٥) سقط من: الأصل.
(٦) سقط من: م.
(٧) سقط من: أ.
(٨) فى أ، ب، م: "متطيب".

<<  <  ج: ص:  >  >>