للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وإِنْ أفطرَ فى أثناءِ الشَّهْرَين لِغيرِ عُذْرٍ، أو قَطَعَ التَّتابُعَ بِصَوْمِ نَذْرٍ، أو قَضاءٍ، أو تَطَوُّع، أو كَفَّارَةٍ أُخرى، لَزِمَه اسْتِئنافُ الشَّهْرين؛ لأنَّه أخَلَّ بالتَّتابُعِ المُشْتَرَطِ (١٢)، ويَقَع صومُه عمَّا نَواه؛ لأنَّ هذا الزَّمانَ ليس بِمُسْتَحَقٍّ مُتَعَيَّنٍ للكَفّارةِ، ولهذا يَجُوزُ صَوْمُها فى غيرِه، بخلافِ شهرِ رمضانَ، فإنَّه مُتَعَيِّنٌ لا يَصْلُح لغيرِه. وإذا كان عليه [نَذْرُ صَوْمٍ] (١٣) غيرِ مُعَيَّنٍ، أخَّره إلى فَراغِه من الكَفّارة. وإِنْ كان مُتَعيِّنًا فى وقتٍ بعَيْنِه، أخَّر الكَفَّارة عنه، أو قدَّمَها عليه إنْ أمْكنَ. وإِنْ كان إيّامًا مِن كُلِّ شهرٍ، كيومِ الخميسِ، أو أيَّامِ البِيضِ، قَدَّمَ الكَفّارَةَ عليه، وقَضاهُ بعدَها؛ لأنَّه لو وَفَّى بِنَذْرِه لانْقَطَعَ التَّتابُعُ، ولَزِمَه الاستئنافُ، فيُفْضِى إلى أَنْ لا يَتَمَكَّن مِن التَّكْفِير، والنَّذْرُ يُمْكِنُ قَضاؤُه، فيكونُ هذا عُذْرًا فى تأخيرِه كالمرضِ (١٤).

١٣١٨ - مسألة؛ قال: (وَإِنْ أَصَابَهَا فى لَيَالِى الصَّوْمِ، أفْسَدَ مَا مَضَى مِنْ صِيَامِهِ، وابْتَدَأَ الشَّهْرَيْنِ)

وبهذا قال مالكٌ، والثَّوْرِىُّ، وأبو عُبَيْدٍ، وأصحابُ الرَّأْىِ؛ لأنَّ اللَّه تعالى قال: {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} (١). فأمَرَ بهما خالِيَيْنِ عن وَطْءٍ، ولم يَأَتِ بهما على ما أُمِرَ، فلمْ يُجْزِئه، كما لو وَطِئَ نهارًا، ولأنَّه تحريمٌ للوَطْءِ لا يَخْتَصُّ النَّهارَ، فاسْتَوَى فيه اللّيْلُ والنّهارُ كالاعتكافِ. ورَوَى الأثرَمُ عن أحمدَ، أَنَّ التَّتابُعَ لا يَنْقَطِع بهذا، ويَبْنِى. وهو مذهبُ الشّافعىِّ، وأبى ثَوْرٍ، وابن المُنْذِرِ؛ لأنَّه وَطْءٌ لا يُبْطِلُ الصَّوْمَ، فلا يُوجِب الاسْتِئْنافَ، كوَطْءِ غيرِها، ولأنَّ التَّتابُع فى الصِّيام عبارةٌ عن إتْباعِ صومِ يومٍ لِلَّذى قَبْلَه، مِن غيرِ فارقٍ، وهذا مُتَحَقِّق وإِنْ وَطِىءَ ليلًا، وارْتِكابُ النَّهْىِ


(١٢) فى م: "المشروط".
(١٣) فى ب، م: "صوم نذر".
(١٤) فى الأصل، م: "كالمريض".
(١) سورة المجادلة ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>