للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابتداءَ القُرُوءِ (١٤) من حينَ طَلَّقَ، وابْتداءُ عِدَّةِ الوفاةِ من حينِ المَوْتِ. وهذا مذهبُ الشافعىِّ. وإن طَلَّقَ الجميعَ ثلاثًا بعدَ ذلك، فعليهِنَّ كلِّهنَّ تَكْمِيلُ عِدَّةِ الطَّلَاقِ من حينَ طَلّقَهُنَّ (١٥). وإن طَلَّقَ ثلاثًا وأُنْسِيَهُنَّ، فهو كما لو طَلَّقَ واحدةً.

١٣٥٠ - مسألة؛ قال: (وَلَوْ مَاتَ عَنْهَا، وَهُوَ حُرٌّ أوْ عَبْدٌ، قَبْلَ الدُّخُولِ أوْ بَعْدَهُ، انْقَضَتْ عِدَّتُهَا لِتَمَامِ أَرْبَعَةِ أشْهُرٍ وعَشْرٍ، إنْ كَانَتْ حُرَّةً، ولِتَمَامِ شَهْرَيْنِ وخَمْسَةِ أيَّامٍ، إنْ كَانَتْ أمَةً)

أجْمَع أهلُ العلمِ على أنَّ عِدَّةَ الحُرَّةِ المُسْلمةِ غيرِ ذاتِ الحَمْلِ من وفاةِ زَوْجِها أَرْبَعةُ أشهرٍ وعَشْرٌ، مَدْخُولًا بها أو غيرَ مدخولٍ بها، سَواءٌ كانت كبيرةً بالغةً أو صغيرةً لم تبلغْ؛ وذلك لقولهِ تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} (١). وقال النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا يَحِلُّ لِامْرأةٍ تُؤْمِنُ باللهِ والْيَوْمِ الْآخِرِ أنْ تَحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاثٍ، إلَّا عَلَى زَوْجٍ، أَرْبَعةَ أشْهُرٍ وعَشْرًا". مُتَّفَقٌ عليه (٢). فإن قيل: ألَا حَمَلْتُم الآيةَ على المَدْخُولِ بها، كما قُلْتُم فى قولِه تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} (٣). قُلْنا: إنَّما خَصَصْنا هذه بقولِه تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} (٤). ولم يَرِدْ تَخْصِيصُ عِدَّةِ الوَفاةِ، ولا أَمْكَنَ قِياسُها على المُطَلَّقةِ فى التَّخْصِيصِ لوَجْهَيْن؛ أحدهما، أنَّ النكاحَ عَقْدُ عُمْرٍ، فإذا مات انْتَهَى، والشىءُ إذا انْتَهَى تقَرَّرَتْ أحْكامُه، كتَقَرُّرِ أحْكامِ الصِّيامِ بدُخولِ الليلِ، وأحكامِ الإِجَارَةِ


(١٤) فى ب، م: "القرء".
(١٥) فى أ، ب، م زيادة: "ثلاثا".
(١) سورة البقرة ٢٣٤.
(٢) تقدم تخريجه، فى صفحة ١٩٣.
(٣) سورة البقرة ٢٢٨.
(٤) سورة الأحزاب ٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>